لؤي فاضل.. موت حلم سينمائي

ثقافة 2023/06/26
...

علي حمود الحسن

  مثلما هي حكايات أفلام الجريمة والغموض، أعلنت أسرة المخرج العراقي لؤي فاضل عباس عن وفاته غرقاً، بلا أوراق ثبوتية، إذ تم نقله من قبل الشرطة النهرية إلى الطب العدلي، وربما هذا يفسر سر اختفائه لستة أيام عجاف، عاشت خلالها أسرته ومحبوه، بل حتى الرأي العام – بفعل وسائط التواصل الاجتماعي– قلقاً وترقباً، وشكلت وزارة الداخلية، بحسب مدير العلاقات والإعلام فيها، فريق عمل من المختصين لمعرفة "ملابسات اختفاء ووفاة المخرج لؤي فاضل".
لؤي فاضل المولود في العام 1982 عشق السينما وآمن برسالتها، فتفرغ لها تماماً دراسة وإنجازاً، متخلياً عن دراسته الهندسية، مشكلاً مع جيل من الشباب اتجاهاً فنياً يختلف عن الصورة النمطية التي كرسها حرس السينما القديم. درس في أكاديميتي" نيويورك للسينما" في أبو ظبي،   و "نيويورك للسينما" في لوس أنجليس، وأخرج أفلاماً وثائقية وروائية قصيرة تتميز جميعها بأسلوب ورؤية مختلفة، فهي مختزلة وبلا حوارات مطولة، موضوعاتها مبتكرة، بعضها حصل على جوائز عربية وعالمية، لا سيما فيلمه "قطن"(2012) الذي شارك في 50 مهرجاناً محلياً وعربياً وحاز على العديد من الجوائز، أبرز أفلامه: "أنظر إليهم" ، و"الباستيل"، و"إطار" ، و"أحمر شفاه"، و "فريم"، و "حجل"، فضلاً  عن فيلمين أخرجهما الراحل، كأطروحتي تخرج من أكاديميتي نيويورك وأبو ظبي، هما: " اللاعب"، و"ريكورد".
 هذه الأفلام حاول فيها لؤي فاضل الخروج من المواضيع المكررة، مستخدماً لغة سينمائية بليغة وموحية، متأثراً بجملة قالها له المخرج الأميركي الشهير جميس كاميرون، على هامش دراسته في أكاديمية نيويورك، مفادها: "لو كنت في العراق لأخرجت أفلاماً عن الحب، ولكن على خلفية الحرب".
  اقتفى المخرج السينمائي المغدور، ومعه صناع سينما شباب بعد العام 2003، حلم صناعة أفلام مستقلة يشاهدها جمهور محلي وتشارك في مهرجانات عربية وعالمية، لكن بلداً بلا بنية تحتية سينمائية، أنهكته حروب صغيرة وكبيرة، حَيَّد هذا الحلم الأثير، ولو إلى حين، فاكتفى مخرج "قطن" بإنجاز أفلام قصيرة وثائقية وروائية، حرص أن تكون موضوعاتها تستهوي جمهور المهرجانات، وقد حقق لؤي فاضل ذلك في معظم أفلامه.
  وأخبرني المخرج المغدور مرة في حوار أجريته معه: "لدي أفكار وقصص عن صناعة أفلام روائية طويلة، ولكني ومعي زملائي أيضاً، لا نملك تمويلاً لإنتاجها أو تسويقها، ليس هذا حسب، إنما نحن نفتقر إلى السينمات والجمهور أيضاً". وحينما سألته: لماذا تبدو متشائماً، أجابني: "لست متشائماً، إنما ظروف بلدنا الملتبسة، هي مَن تجعلنا كذلك". كأنما حدس هذا المخرج الطموح والموهوب نهايته التراجيدية.