في ذم الظلم والقسوة

آراء 2023/07/03
...

 كاظم الحسن 


تاريخ الإنسان القديم والمعاصر، هو الدم والظلم والقسوة وبشاعة القتل وحمل رؤوس القتلى إلى الحاكم المنتصر؟ وهي السمة البارزة في الصراعات والنزاعات على السلطة.

وحتى الضحية، عندما يعتلي سدة الحكم، يسير على سكة الجلاد ويتقمص دوره، وكما يقول الفيلسوف الالماني نيتشة "اذا صارعت الوحش، احذر أن تكون مثله"، ولهذا يبقى الظلم واللاعدالة من يحكم على وجه البسيطة. ونرى القليل من كان عادلا، في حكمه زهدا في سلطانه، لأن الملك عقيم. وقد قال في ذلك الرشيد لولده المأمون "لو حاولت أنت أن تأخذ الملك مني لأخذت من يحمل عينيك، أي لقطعت رأسك، فالملك عقيم". وبعد وفاة الرشيد"اختلف ابناه الأمين (الأكبر)، والمأمون (الأصغر)، على وراثة العرش، ثم تحاربا، فهزم الأمين، وقبض أخوه عليه، بعد يومين وأعدمه. وتذكر المأمون قول أبيه الرشيد "الملك عقيم، أي لا أقرباء له، وليست له ذرية، فقتل أخاه".هذه الظاهرة، تقتصر على الأنظمة الدكتاتورية والمستبدة، التي تغتصب السلطة وتسرقها من أصحابها الحقيقيين، وتبطش بمن يعارضها وتعده خائنا وتشيطن كل من ينافسها على السلطان ولا تخشى في عدوانها، لومة لائم. الغريب في الامر،ان هناك من يساوي بين الضحية والجلاد ؟ وهنا يقتل الضحية مرتين، الأولى بمقتله ظلما والثانية بتمجيد القاتل، من خلال أدبيات الفقه، التي ترى في الحاكم مطلق اليدين، يفعل ما يشاء بلا حساب، حتى لو أراق دماء الناس بلا ذنب. هذه الافكار الوحشية، جعلت الحاكم المستبد،لا تعنيه حياة الناس ومستقبلهم، أمام نزواته وحماقاته ومغامراته الرعناء. وهذا هو الذي جعل المفكرين والشعوب، تبحث عن الأفضل في الانظمة السياسية والابتعاد عن شخصنة الحكم والانتقال إلى الحكم الليبرالي ونظام المؤسسات، الذي أثبت نجاحه على مستوى العالم، وأصبح مطمح الشعوب، التي تسعى للخلاص من نير الاستبداد، الذي استعبدها واذلها وافقرها. وهاهي الشعوب التي سلكت درب الحرية، ترتقي إلى مصاف الدول المتطورة والناجحة وأصبحت تجاربها، ملهمة للعالم ومنها اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا. 

ولننظر إلى كوريا الشمالية، مقارنة بالجنوبية، نرى الأولى تعاني من الفقر والجوع ومحكومة بالحديد والنار، في حين الثانية تعد من الدول الصناعية المتقدمة في العالم، وهذ هو الفرق الرهيب بين الحكم الاستبدادي والليبرالي. وما يحدث هذه الايام في روسيا من تمرد ميليشيا فاغنر - والتي يطلق عليها شركة - ضد بوتين إلا مثال صارخ، على غياب المؤسسات. هل يمكن أن يتصور اي انسان، تواجد ميليشيا في الغرب أو اميركا؟ أو قرار الحرب، الذي اتخذه بوتين بشكل فردي! هل يمكن أن يحدث في الدول الديمقراطية؟ العنف والقسوة يقترنان بالدول التي تغيب عنها الديمقراطية والليبرالية، وهل سمع أحد ما عن جمهورية الخوف في البلدان الحرة؟.