التكامل الاقتصادي مفتاح الاستقرار السياسي

آراء 2023/07/05
...

 عباس الصباغ 

 

لا يمكنُ للمهتم بالشأن الاقتصادي العراقي أن يمر مرور الكرام تجاه الاشارات غير المريحة والمقلقة التي اطلقها البنك الدولي تجاه هذا الاقتصاد لانها تمسّ جوهره ومستقبله، فما زال الاقتصاد العراقي ريعيا واغلب الموازنات المالية تعتمد على النفط بشكل أساس، وما زالت الموازنات العامة تستولي عليها الميزانيات التشغيلية دون الاستثمارية والتنموية، وما زال النفط يشكّل المورد الاكثر ثباتا في تلك الموازنات دون تنويع مصادر الدخل الأخرى إلا بمحاولات خجولة وغير مجدية ماديا، وانسحبت الهشاشة الاقتصادية على الوضع السياسي في البلد (وبالعكس)، لأن إصلاح الاقتصاد يتبعه استقرار سياسي ولوضع خارطة طريق لهذا الإصلاح، لا بد من إصلاح بنيوي وجذري لهيكلية الاقتصاد العراقي، وهو ما تسعى إليه حكومة السيد السوداني، ومن مرتكزات هذا المسعى إجراء الانفتاح الاقتصادي على المحيط الإقليمي لدول الجوار، لغرض التكامل الاقتصادي، إضافة إلى تنويع الزيارات المتخذة مع دول الجوار والمحيط الاقليمي واجراء وتفعيل المعاهدات ومذكرات التفاهم في الكثير من المجالات، وبما يخدم الشأن العراقي خاصة الاقتصادي منه، وبحسب الموسوعة الحرة فإن التكامل الاقتصادي Economic Integration))‏: (هو الحالة التي يتم فيها التعاون الاقتصادي بين الدول على أساس أن تقدم كل دولة للأخرى ما تحتاجه من عناصر تنقصها لتعزيز عملية الإنتاج الاقتصادي في كلا البلدين، بينما تقوم الدول التي تملك رؤوس الأموال بتمويل الاستثمارات المشتركة وهي عملية تهدف تدريجيا، من خلال مجموعة من التشريعات والتدابير التنظيمية، إلى تحقيق التقارب الاقتصادي بين بلدين أو أكثر، واندماج الفضاءات الاقتصادية المستقلة لكل منها لتشكّل في الأخير فضاء واحدا ممتدا)، وتسعى عملية التكامل الاقتصادي إلى دمج جميع الأسواق داخل فضاء اقتصادي موحد (أسواق السلع والخدمات، وأسواق العمل، وأسواق النقد)، كي تصبح امتدادات لبعضها بعضا، من أجل ضمان تنقّل حر ومن دون قيود للسلع والعمالة ورأس المال.

والذي ساعد على ذلك الهدوء النسبي الذي يتمتع به الشأن العراقي والانفتاح الجيو سياسي على المحيط الإقليمي، والذي لعب دورا كبيرا في تهيئة الاجواء لرسم خارطة طريق في تثبيت مرتكزات التكامل الاقتصادي مع تلك الدول، بفضل السياسة الهادئة والمتزنة التي تنتهجها حكومة السيد السوداني، إضافة مع الحياد الايجابي مع جمع الاطراف وعدم الانزلاق في متاهات المحاور لأي سبب كان. 

 ولكون المنهاج الحكومي (المعلن) هو منهاج خدمات لحكومة وصفت نفسها بالخدمية، لذا فهي أحوج ما يكون إلى ما يساعدها على تنفيذ وعودها وجزء كبير من هذا المسعى هو المضيّ بالانفتاح الايجابي المؤدي إلى التكامل الاقتصادي مع دول المحيط الاقليمي، وأقرب مثل على ذلك مشروع طريق التنمية، الذي تم الاعلان عنه مؤخرا ناهيك عن توقيع عدد كبير من مذكرات التفاهم والتعاون مع الدول ذات الاهمية الجيو سياسية كمصر وقطر وغيرهما.

فالتكامل الاقتصادي ليس ترفا فكرا أو مشروعا لغرض الاستهلاك الاعلامي، بل صار حقيقة ملحة وملموسة كون الاقتصاد يلعب بشكل رئيس في تهيئة مقومات النجاح السياسي، ويكون مفتاحا لتحقيق الحلم الاقتصادي بالتحرّر من هيمنة الاقتصاد الريعي فالتكامل الاقتصادي، سيساعد على ذلك لاسيما اذا اتجه مبرمجو الموازنات المالية العامة إلى تنويع مصادر تمويلها وهي كثيرة.