حرق المصاحف.. مسلسل الكراهية الذي لا يتوقف

آراء 2023/07/06
...

 د. صادق كاظم
مرة اخرى تسمح السويد بحرق المصحف الشريف متجاهلة مشاعر ملياري مسلم في العالم مكررة هذا العمل من جديد، وتحت ذريعة حق الافراد بالتعبير عن الرأي، الذي كفله الدستور السويدي الذي بات يسمح لكل متطرف ومريض نفسي، بأن يهين الرموز الدينية المقدسة للمسلمين والاساءة اليها بالحرق والتهجم بعبارات مسيئة. هذا العمل المتطرف اللاخلاقي يشكل جزءا من ظاهرة تعميق الكراهية لدى الغرب وضمن حملة تقودها أحزاب يمينية متطرفة، تستغل التشريعات والدساتير في دول الغرب لتسمح لنفسها بالاساءة إلى الثوابت المقدسة لدى الأديان، خصوصا الدين الاسلامي ضمن مخطط يهدف إلى نشر مفاهيم الكراهية والعداء بين الامم والشعوب.
هذا العمل الذي حصل في السويد ليس الأخير، بل سبقته أعمال أخرى وفي مناطق متفرقة من أوروبا، بدءا من الدانمارك التي احتضنت متطرفين أساؤوا إلى شخص الرسول الاكرم محمد (ص)، والى فرنسا, حيث مجلة (شارل ابيدو)، التي قامت بنشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي (ص), إضافة إلى حملات اعلامية متكررة تقوم بها شخصيات يمينية متطرفة، باتت تجاهر بأفكارها العدائية للاسلام والمسلمين محتمية بالدساتير التي تبيح لها القيام بمثل هذه الاعمال.
قد تكون لحادثة 11 ايلول عام 2001 التي هوجم فيها برجا التجارة العالمي في الولايات المتحدة الدافع الرئيسي لانطلاق أحد اشرس الحملات المناهضة للاسلام، مستغلة قيام مجموعة ارهابية متطرفة ينتمي أصحابها إلى دول ومناطق عربية في الشرق الاوسط شاركت في تلك الحادثة ابشع استغلال، وكانت السبب امام انطلاق أحد اكثر موجات الكراهية والتطرف ضد العالم الاسلامي ورموزه الدينية المقدسة منذ ذلك الوقت ولحتى الآن، رغم أن كل شعوب العالم الاسلامي أدانت واستنكرت هذا العمل الارهابي واعلنت براءتها منه.
لا يفهم هؤلاء المتطرفون من الدين الاسلامي اي شيء, حين يستغلون مناخ الحريات الواسع الذي لا يمانع من ارتكاب مثل هذه الأعمال المشينة، ويتجاهلون الكم الهائل من التراث الاسلامي الضخم المزدحم بصور رائعة من التسامح والاخلاق الحميدة، التي لا تسيء إلى الآخرين، وتقدس الديانات السماوية وتحترم الانبياء ولا تتجاوز على القيم والمعتقدات التي تؤمن بها الشعوب من مختلف دول العالم.
لم يكن الدين الاسلامي يوما منبعا أو مصدرا لأية افكار متطرفة أو مسيئة للرموز والأديان الاخرى وحملات التعصب والعنصرية والكراهية، التي تديرها مؤسسات عنصرية في الغرب باتت تتغذى على مشاعر الكراهية السلبية المناهضة للمسلمين.
بالتاكيد أن أوروبا تعتبر اليوم من أكثر الأماكن في العالم ثراءً وأمانا واستقرارا ورفاهية في العيش، وهو ما جعلها وجهة لكل سكان المناطق الأخرى المضطربة، خصوصا منطقتنا العربية التي بات العديد من فئات السكان فيها يتركونها للهجرة إلى أوروبا بحثا عن سبل العيش الكريم فيها، وهذه الهجرات أخذت بالازدياد إلى نسب ومعدلات ليست بالقليلة وامام هذا التدفق البشري الكبير والمرتفع، وجدت القارة العجوز نفسها أمام مشكلات تتعلق باندماج هؤلاء المهاجرين ضمن مجتمعات القارة الاوروبية، وضرورة قيامهم بالتخلي عن العادات والتقاليد، التي تربوا عليها في بلدانهم الأصلية، وتبني القيم الغربية المناهضة لها, إضافة إلى صعود تيارات اليمين المتطرف، التي باتت تستهدف المهاجرين في برامجها الانتخابية، وتدعو إلى طردهم، وأن أوروبا للاوروبيين فقط، وهو ما يفسر قيامها باستهداف الرموز الممثلة للدين الاسلامي والاساءة اليها في كل مرة.
الحكومات الاوروبية وخصوصا السويدية منها تخطئ كثيرا عندما تسمح بهكذا تصرفات مسيئة، وتدعو الشعوب الاسلامية إلى ضبط النفس وتقبل مثل هذه الأعمال، بوصفها أعمالا فردية معزولة، ولا تعبر عن وجهة نظر الحكومة أو الشعب فيها، ضمن تبريراتها لموافقاتها على هذه الأعمال، التي يبدو أنها تنقل رسائل تشجيعية، لكل المتطرفين بمواصلة أعمالهم ما دام القانون يغطيها ويبررها, لكنها في الوقت نفسه تصب المزيد من الزيت على النار، وتغذي مشاعر الكراهية والانقسام وتزرع بذور الفتنة والتطرف وتشجع أعمال التطرف والارهاب، التي ترفضها الشرائع والاديان وتدعو بدلا منها إلى التسامح والاخلاق والمحبة بين الناس جميعا، وهو ما لايفهمه السويديون الذين يفتحون أبوابهم لكل محرض ومتطرف مسيء للأديان والأنبياء.