يعقوب يوسف السعيدي
إن الثقافة الاجتماعية هي مزيج من القيم والتقاليد والنظم والآداب والسلوكيات، وهي تختلف من مجتمع إلى آخر، فباستثناء ثلة من المواطنين الملتزمين يتميز المواطن في المجتمعات المتقدمة عن المواطن في المجتمعات النامية، وكذلك المجتمعات المتخلفة في العديد من القيم والسلوكيات، فمواطن المجتمعات المتقدمة يحافظ على النظم والآداب العامة ويسهم في حمايتها ويلتزم بقواعدها، فتجد مجتمعا منتجا متطورا يحترم الوقت ويستثمره ويحترم مسؤولياته، سواء الوطنية أو الوظيفية ويحافظ على بيئته من التلوث، اضافة إلى تطوره بإطراد، ويصون مؤسسات الدولة والمال العام.
لذلك تشهد هذه المجتمعات نهضة علمية وتقنية واجتماعية وثقافية جبارة. من زاوية أخرى فإن حقوق جميع المواطنين محمية بموجب الدستور والقوانين النافذة، مما ينعكس ايجابا على سلوك المواطنين ووعيهم.
ان المواطن في هذه المجتمعات يسهم في رصد أية أخطاء ترتكبها مؤسسات الدولة أو اية اخطاء يرتكبها بعض المواطنين، فيطالب بتصحيحها، ومن شواهد هذه السلوكية التعبير عن الرأي عبر وسائل الاعلام أو بصورة مباشرة عبر التظاهرات والاحتجاجات السلمية، فتستجيب له سلطة الدولة وتباشر بتصحيح هذه الاخطاء، اما في المجتمعات غير المتقدمة فتجد ان المواطن يسهم بارتكاب الاخطاء ومنها مخالفة النظام والآداب العامة، وبالوقت نفسه يلقي باللائمة على سلطة الدولة ويحملها المسؤولية فتجده متناقضا، واذا افترضنا مواطنا ملتزما احتج على اخطاء سلطة الدولة فلن تستجيب له سلطة الدولة كونها ليست دولة مواطنة حقيقية بل دولة ثلة من النفعيين والوصوليين.
وفي المجتمعات المتقدمة تعمل سلطة الدولة على وضع سياسات رصينة متوازنة تصب في تحقيق مصالح المواطن العامة، بينما تعمد سلطة الدولة في الدول غير المتقدمة إلى وضع بعض السياسات العامة التي تضر المواطنين وتنفع مواطنين آخرين من ذوي النفوذ.
لكن ماهي السبل الكفيلة بالنهوض بثقافة المواطن في الدول غير المتقدمة والارتقاء بها، لتتحول إلى ثقافة مدنية رصينة متزنة ترتكز على قواعد الدستور والقانون العادي ؟
١- تطوير التعليم والتربية والتنمية البشرية.
٢- إسناد إدارة شؤون الدولة ومؤسساتها إلى اصحاب الكفاية والاختصاص.
٣- نشر ثقافة الوعي الاجتماعي ومن مصاديقها أن يحترم كل مواطن حدود مسؤولياته.
٤- مكافحة ثقافة اللامبالات.
٥- عقد دورات وندوات تثقيفية لبيان دور المواطن في التنمية البشرية.
الخلاصة إن ثقافة إغلبية المواطنين في المجتمع الواحد هي من تحدد وجهة المجتمع والدولة فتضامن المواطن مع الدولة وانصهارهما في بوتقة ثقافة التطور الاجتماعي والسياسي هي الاساس في إقامة دولة مدنية معطاءة ونموذجية.