وليد خالد الزيدي
لم تكن التوجهات السياسية للعراق، خلال الفترة الحالية في تعزيز التقارب مع الحكومة البريطانية بمعزل عن نظرة الحكومة العراقية في العمل على تتويع مصادر الاقتصاد المتكامل في البلاد، لا سيما في المجالات الفاعلة كقطاع النقل والمواصلات، مثل طريق التنمية وتفعيل خطوط الطيران المدني وبحث الاتفاقيات السابقة، بينهما في هذا المجال ومجالات أخرى تدخل ضمن توجهات تحمل وجها آخر للسياسة وعلاقة البلدين، التي يسعى العراق لاستثمارها بما يعطي أرضية صلبة لتوثيقها مع بريطانيا، التي تعد لاعبا ضروريا في صياغة علاقات دولية واسعة مع العراق وبقية بلدان العالم بشكل عام، ودول الشرق الاوسط صاحبة الاهتمام الخاص في نظرة ساسة لندن منذ وقت ليس قصير، يمتد إلى عقود القرنين الماضيين.
يمتلك العراق مقومات التأثيرات الجغرافية الطبيعية، كالموقع المتوسط بين قارات العالم القديم آسيا وأوروبا وأفريقيا، والذي يعد عاملا محوريا ترتكز عليه كل المحركات الفاعلة في الولوج لبرامج اقتصادية متنامية ومتكاملة، فضلا عن وجود إرادة حكومية لاستثمار جميع مقومات البلد، والتي يبرز أهم صورها الاهتمام بتنمية قطاع النقل بجميع أنواعه الجوية والبرية والبحرية، والدخول في مشاريع إعادة تأهيل المطارات وتطويرها وتصاعد العمل في ميناء الفاو الكبير، وتنمية شبكات الطرق البرية المحلية مع دول الجوار، التي تراها الحكومة البريطانية وجها آخر، لعلاقات جيوسياسية دولية فاعلة وجهود حكومة بغداد لتطوير العلاقات مع دول الجوار التي تراها حكومة لندن أمرا طبيعيا ما يجعلها تدعم مبادرات العراق الإقليمية والتعاون متعدّد الأطراف كنهج فعال في تحقيق المصالح الوطنية للعراق، وهو ما يشجعه للدخول في تفاهمات ثنائية مع ساسة بريطانيا وجهاتها التجارية الاخرى.
الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية فؤاد حسين إلى لندن تعد انطلاقة مهمة لتعزيز تعاون العراق مع بريطانيا، ومنها إعادة رحلات خطوط النقل الجوي العراقي إلى بقية جهات العالم، فضلا عن التعاون الستراتيجي بينهما في مجال الأمن والدفاع والهجرة، ولقاء مجموعة (كل الأحزاب من أجل العراق) ولقاءات البنك الأوروبي لاعادة الاعمار والتنمية وعدد من رجال الاعمال البريطانيين، بالإضافة إلى لقاء مدير شركة سيركو للشرق الأوسط المتخصصة بخدمات الملاحة الجوية، لتسوية الخلافات العالقة بين تلك الشركة والجانب العراقي المتخصص للنهوض بقطاع الطيران المدني.
إن الشروع في تنفيذ المشاريع المتفق عليها واستكمال النقاشات الجادة في المجالات، التي تمَّ بحثها تعد من أهم أولويات التعاون الثنائي بين الجانبين، لتسهم في تنشيط ديناميكية اقتصادهما، لا سيما بعدما أظهر العراق ملامح استثمار جميع العناصر الطبيعية لمقومات تطوره، ما يجعل حكومته تبذل قصارى جهودها لازالة العقبات، التي تحول دون تنفيذ الخطوط العامة والتفصيلية للتفاهمات بينهما في لندن، ما يحدث قفزة نوعية كبيرة في مستوى العلاقات الثنائية، ويكون لها أيضا تأثير إيجابي مهم للغاية على تطوير القدرات التجارية للعراق
وللمنطقة.
