د. حميد طارش
أتذكر جيداً استاذي في دورة تنمية الموارد البشرية عندما تحدث عن التحدي بأنه ذو وجهين، الأول، سلبي بكل ما تحمله مفردة التحدي، والآخر، إيجابي يتمثل باستنهاض الفكر والإرادة والعمل ليكون فرصة أكبر من التحدي
وذكر لنا مثالاً بسيطاً على ذلك، فقال: ألم تشاهدوا جمال المصاعد الخارجية لبعض البنايات، أنها جاءت نتيجة تحدي إغلاق أحد المطاعم لمدة زمنية ليست قصيرة، بغية إكمال الطوابق الأخرى، وهنا تحققت الفرصة بعدم الغلق وإتاحة فرصة جديدة للبناء ولتُعتمد لاحقاً في خرائط البناء للكثير من البنايات.
وهكذا استمر التلقّي في عدة ورش عمل بأن التحديات تخلق الفرص، ولعل المثال الأهم يكمن في التحدي الأكبر لانبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون المكونة للاحتباس الحراري، الذي يتسبب بالجفاف والتصحر والأوبئة والفيضانات، بل ويهدد بموت الكائنات الحية على الأرض وسط تدابير دولية هشة لا تناسب تلك الخطورة، وتشير تقارير المنظمات المختصة إلى أن التوجه إلى تقنيات الطاقة النظيفة عالية الكفاءة ومنخفضة الكلفة، ستخلق فرصة أكبر لا تقتصر على حماية النظام المناخي، وانما توفير تريليونات الدولارات.
تحدي الفقر في العراق وارتباط الاقتصاد بالنفط، الذي تهدده فرصة التخلص من الاحتباس الحراري، آنفة
الذكر، ستكون فرصهُ في طريق التنمية الذي سيجعل العراق ممراً مهماً لربط التجارة بين قارتي
آسيا وأوروبا، ودعم أصحاب العمل والمستثمرين في القطاع الخاص بالتسهيلات المناسبة، لتشجيعهم وتفعيل ضمان عمال القطاع الخاص، ليكون أسوة بالعمل في القطاع الحكومي، فضلا عن النهوض بمصادر الاقتصاد المهمة الأخرى، وأتمنى على الحكومة أن تضع قائمة بالمصانع الحكومية المعطّلة
وتشكل فريقاً من الخبراء والمهندسين والمختصين بدراسة الجدوى ليطلّوا على الناس بين مدة وأخرى ببيان عن تشغيل مصنع أو أكثر، أي خلق فرص عمل.
تحدي المياه لا يختلف عن التحديات الأخرى بحمله لفرصة أكبر، بل نجد تلك الفرصة واضحة للعيان في المملكة العربية السعودية، التي ليس فيها نهر لكنها تصدر إلينا الماء!.
الشق الآخر للتحدي المتمثل بالفرصة لا يتحقق إلّا بالعمل المخلص، وهذا ما غُيّب في العراق في عدة تحديات، لعل أبرزها الفساد وهو التحدي الأخطر، الذي بإمكانه تعطيل فرص التحديات
الأخرى.