اشتراكيّة التواصل الاجتماعي

آراء 2023/07/12
...

كاظم الحسن

بعد ظهور النت على مستوى العالم، أخذت اللغة السياسية والاجتماعية بالتبدل والتغير، حيث أصبحت وسائل التعبير متاحة للجميع، وتساوى في ذلك الامير والغفير، وهذه أول مرة في التاريخ، تتحقق اشتراكية التواصل الاجتماعي.
للرئيس الاميركي منصة يعبر فيها عما يشاء وكذلك الانسان العادي، عبر تغريدات مختزلة، فلم تعد هناك المطولات والمعلقات والخطابات الطويلة.
كتب انيس منصور ذات مرة “إنه حضر إحدى خطب الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، وقد استمرت ثلاث ساعات، دون انقطاع الا لشرب الماء، وقد كان أحد الرفاق يكمل الخطبة العصماء عند التوقف قليلا”، وهذا هو ديدن الزعماء، الذين يطلقون على انفسهم رمز الامة أو ما يسمى بالقائد الضرورة، الذي لا ضرورة له؟ وغالبا ما يكون مثل هكذا كلام انشاء وكلاما فارغا لا معنى له، ثرثرة فوق النيل، حديث بلا نقطة أو فارزة أو علامة استفهام أو تعجب، بمعنى آخر يشبه الاجهز الكهربائية، حين يعطل الاوتوماتيك يظل يعمل “الماطور”، دون توقف ومن ثم يعطب الجهاز والتوقفات ضرورية للاجهزة الكهربائية؟ الآن بعد التطورات التقنية لم يعد للدكتاتور مساحة للثرثرة، حيث توجد منصات للجميع.
وكان لمواقع التواصل الدور الاكبر في ثورات الربيع العربي، بل إن الحكومات المستبدة تعمل على غلقها، حين تحدث انتفاضات ضدها.
الواقع الافتراضي أصبح حقيقيا بفعل التطورات التقنية، التي دخلت كل منزل ومؤسسة، في مختلف أنحاء العالم وجعلته اصغر من قرية.
حتى العلاقات الاجتماعية، أضحت افتراضية، والاسرية غائبة عن أواصرها، بشكل ملفت للنظر، والعين تتابع وتنشغل بالفيس، اكثر من أي شيء آخر، لذا من النادر أن ترى أو تسمع أحاديث بين الناس طويلة.
ربما يأتي يوم ما يكون فيه الكلام على شكل اشارات، بين البشر، بعد جفاف العشرة والصحبة بين الافراد.
قد تكون مقولة جان جاك روسو صحيحة، حين وصل إلى نتيجة وهي “ لا بد من عودة الناس للطبيعة بعد العصر الصناعي، الذي افسد سعادة واطمئنان الانسان”، بل إن الاحتباس الحراري وتغير المناخ والتصحر والجفاف وارتفاع درجات الحرارة، بشكل غير مسبوق، ناتج من تلوث البيئة، وهذا من مخلفات الصناعة؟
قد يكون الانسان اتخذ خطوات وتحوطات لهذا الأمر، عبر بدائل الطاقة النظيفة، إلا أنها متأخرة وبطيئة ومحدودة، بسبب الخلافات السياسية، التي تطغي بين القوى العظمى حول النظام الجديد. بمعنى آخر أن اللا مسؤولية وانعدام الجدية هما اللذان يحيطان العلاقات الدولية المتعثرة.