{جقماقجي}.. ذاكرة أمينة على التراث الغنائي

ثقافة 2023/07/12
...

 بغداد: كاظم لازم
 تصوير: نهاد العزاوي
شركة جقماقجي هي أول شركة اسطوانات تأسست في العراق والمنطقة، لتتحول على مدى مئة عام على تأسيسها إلى صرح حضاري، وذاكرة امينة للتراث الغنائي العراقي، والتي تأسست بالعام 1918 من قبل الموصلي فتحي جقماقجي في مدينة الموصل، لتتحول بعد هذا الزمن الطويل إلى إشعاع موسيقي، وتكون بمثابة سفير متجول يصل إلى آذان الملايين من العراقيين والعرب.

لتبدأ مشوارها في تسجيل الاصوات النادرة، والتي ما زالت تحفر بالذاكرة عميقاً، تحدث لـ"الصباح" نجم جقماقجي قائلا "كانت الرحلة في البداية صعبة من خلال الاسطوانات، التي يتم طبعها في اليونان والسويد، لتنتقل الشركة إلى بغداد في اربعينيات القرن الماضي في منطقة الحيدر خانة، ليتواصل معها مطربو العراق ومنهم: محمد القبنجي، ناظم الغزالي، زهور حسين، وحيدة خليل، حضيري ابو عزيز، وناصر حكيم.. وغيرهم.
واضاف جقماقجي "انتقلت الشركة بعد ذلك في السبعينيات إلى شارع الرشيد بعد تاريخ حافل، كان ابرزه حضور سيدة الغناء العربي أم كلثوم إلى الشركة العام 1946، وعدد كبير من الموسيقيين والمطربين العرب، كانوا يتوافدون عليها اثناء زيارتهم للعراق وتوقيع اتفاقات لتسجيل اسطوانات لهم، سواء في العراق أو مصر.. كما تواصلت بتسجيلاتها مع مجموعة من الموسيقيين العراقيين الراحلين".
 بدأ فتحي جقماقجي مصلح أسلحة لبنادق بدائية قديمة في الموصل مصنوعة في اسطنبول، كان يستخدمها الجيش العثماني آنذاك، جاءت تسمية "جقماقجي" من صوت البندقية عند حشوها خلال عملية التصليح وتجربتها قبل تسليمها إلى الزبون، فهي عندما تفتح تصدر صوت (چق)، وعندما تغلق (ماق) وعند إطلاقها (چي) وكان الناس يسمون مصلح الأسلحة في تركيا جقماقجي ككلمة شعبية دارجة على من يعمل في تصليح البنادق في الأسواق.
حب فتحي للموسيقى والغناء وهوايته بجمع الاسطوانات دفعه لان يؤسس أول شركة اسطوانات بالعراق، لتتحول شركة جقماقجي بعد انتقالها إلى بغداد إلى أهم مصادر التراث الغنائي العراقي والعربي والتي حفظت ووثقت مئات الاغاني العراقية بأصوات روادها الاوائل. ويواصل نجم جقماقجي حديثه عن تاريخ هذه المؤسسة العريقة قائلا "تعرضت الشركة العام 2003 إلى عملية سرقة ونهب لمحتوياتها الغنية والثمينة والتي لا تقدر بثمن".
ونوه بأن بعض الجهات قدمت عروضا سخية لاغراء والدي على بيع ارشيف الشركة، لكنه رفض بيعه ".
واضاف نجم جقماقجي ما زلنا نحتفظ بعدد من التسجيلات النادرة لمجموعة كبيرة من الاغاني والحفلات لمطربين عراقيين وعرب".
 الباحث والصحفي كمال لطيف سالم تحدث عن تاثير شركة اسطوانات جقماقجي ليقول "لو كان لتاريخ الموسيقى العراقية لسان واضح النبرات، لكانت تسجيلات شركة جقماقجي هي هذا اللسان عبر تسجيلاتها النادرة، وكانت عدد من الشركات العالمية لها وكالات وتعامل فني معها مثل شركة الكايرفون، وشركة بيضفون وشركة مصرفون وغيرها..
واضاف سالم " شاءت الصدف أن التقي العام 1975 المطربة الرائدة سليمة مراد، وهي ترقد في مستشفى المجيدية، لتتحدث عن اهمية الشركة في تسجيل اغانيها حفلاتها والترويج لها عربيا، ومنها الحفل الذي اقيم في فندق الهلال العام 1934، لتستمع إلى صوتها السيدة ام كلثوم، وهي تغني اغنية "قلبك صخر جلمود"، التي اعجبت بها وغنتها باللهجة العراقية، وكنت أتولى عملية تدريب السيدة أم كلثوم على الغناء اللهجة العراقية، التي كانت تجد صعوبة بنطقها.