آرنولد توينبي.. وقوة الحضور

آراء 2023/07/13
...

حارث رسمي رحومي

قبل ستة عشر عاماً سمعت بـ «آرنولد توينبي» لأول مرة، يومها كنا طلاباً في المرحلة الثالثة، وحيث يفترض المنهج أن يدرس طلاب قسم التاريخ في كليات الآداب مادةً عن فلسفة التاريخ على مدار العام الدراسي، فقد تردد اسم توينبي كثيراً، والأخير هو استاذ الدراسات اليونانية والبيزنطية في جامعة لندن، ويعتبر من أهم المؤرخين الذين بحثوا في مسألة الحضارات، وكتب موسوعته «دراسة للتاريخ» في أثني عشر مجلداً قضى في كتابتها واحدا وأربعين عاماً. والتي لم تزل أفكارها راهنة ولا مجال لتركها دون مراجعة بين الفترة والاخرى.
 في واحدة من تلك المحاضرات الممتعة التي كان يقدمها استاذنا د. ابو الهيجاء محمد رافع، عرفنا توينبي، والذي كان يعتقد أن الحضارة لا تنشأ في ظروف سهلة، بل على النقيض هي تنشأ في الظروف الصعبة، تخلق هذه الظروف للإنسان تحدياً وهذا الأخير يسفر عن استجابة. من هنا كانت نظريته في التحدي والاستجابة، والتي يعترف هو بأنه استلهم افكارها من علم النفس السلوكي، وعلى وجه التحديد من عالم النفس كارل
 يونغ.
جوهرهذه النظرية أن الحضارات التي تتعرض لصدمات لم يكن امامها سوى طريقين للتعاطي مع التغييرات التي تطرأ، الأول هو العودة السريعة إلى الماضي، والعمل على استعادته عله يقدم حلولاً للواقع، والثاني هو الاعتراف بالصدمة، ووقوعها وتأثيرها والعمل على مواجهتها وتبتعاتها.
في السياق الذي نعيشه نحن، ثمة الكثير من التحديات التي تعصرنا بين الحين والآخر، ولكن أن احداً لا يريد مغادرة القوقعة، الذهاب نحو الماضي أو التقدم نحوه حسب فالح عبد الجبار، لم نتعلم كفاية مواجهة التحديات التي تحدث عنها توينبي باعتبارها أساساً لبناء الحضارة، إن تم التعامل معها كما ينبغي، إلا أننا أبدعنا في استحضار الماضي بشكل ممتاز، ونجحنا بتحميله أكثر من طاقته، والغريب أننا نبحث فيه عن حلول ليس للحاضر وتحدياته فقط، لا بل حتى مع تحديات المستقبل، ولا أستبعد أننا سننظر في أرثنا وتاريخنا عله يمكننا من التعامل مع الذكاء الصناعي هذا التحدي، الذي يشغل عالم اليوم.
جملة واحدة، لا مستقبل جيدا ينتظرنا طالما لا نقبل التحدي، ولا نريد للعقل أن يأخذ دوره بالعمل، بالتالي هي مقدمات تفضي إلى نتائج!.