بغداد: هدى العزاوي
رَأى عدد من المختصين في المجال السياسي، أن إحدى أهم الطرق في تصحيح المسار المتعرّج في ملف مكافحة الفساد؛ العمل على استنساخ التجارب الناجحة للدول المتقدمة بالتحول إلى "حوكمة الدولة"، وجعل جميع أجهزة الدوائر والمؤسسات الرسمية الحكومية والأهلية تمر عبر بوابة هيئة الضرائب، فضلاً عن إعادة العمل بمكاتب المفتشين العموميين وإصلاحها إذا ما تعرضت للخروقات، منوهين بأن عمل الحكومة في مكافحة الفساد بدا واضحاً ويشير إلى التفاؤل بتقدم العراق بدرجتين إلى المرتبة 23 في مؤشر مدركات الفساد وبتسلسل 157 من أصل 190 دولة ضمن هذا المضمار.
وقال مسؤول رسم السياسات في حركة "بداية"، عمر الناصر، في حديث لـ"الصباح": إنه "لا يمكن الذهاب للقضاء على الفساد بشكل كامل، لأن أعظم دول العالم وأكثرها تقدماً وشفافية لديها نسب متفاوتة بهذا المفصل، وتعاني من تذبذب وتيرته في أغلب المؤسسات"، مبيناً أن "التحوّل إلى حوكمة الدولة وجعل جميع أجهزة الدوائر والمؤسسات الرسمية الحكومية والأهلية تمر عبر بوابة هيئة الضرائب، هي عملية استنساخ لتجارب دول متقدمة مثل (السويد والدنمارك والمانيا وبريطانيا والنمسا وسويسرا وغيرها)".
وطالب الناصر، بإعادة العمل "بمكاتب المفتشين العموميين وإصلاحها إذا ما تعرضت للخروقات أو التلكؤات، وهي تعد حالة صحية لبناء ترسانة رقابية داعمة لأداء مجلس النواب في إعادة المراجعة والتقييم باتجاه تصحيح المسار المتعرج في ملف مكافحة
الفساد".
ونوّه بأنه "لا بد اليوم من الأخذ بعين الاعتبار مؤشر مدركات الفساد CPI الذي وضع العراق في التسلسل 57 من أصل 190 دولة بهذا المضمار، وتقدمه بدرجتين إلى المرتبة 23 يعد خطوة للتفاؤل باتجاه الأمام، لأن ذلك سوف يحقق بدوره قفزات نوعية في عدة مضامير".
إلى ذلك، قال رئيس مركز "الشرق للدراسات الستراتيجية والمعلومات"، علي مهدي الأعرجي، في حديث لـ"الصباح: "إننا لا بد من أن نشير إلى أن الفساد أصبح ظاهرة اجتماعية يكاد أن تكون طبيعية في العراق بسبب انتشاره الكبير"، مستدركاً: "نعم، هناك محاولات للحد من الفساد، إلا أنها قليلة وتتسم بالخجل ولا تصل إلى أدنى مستوى من مستويات الطموح لكنها موجودة".
وأكد أنه "للقضاء على الفساد، لا بد من وجود نظم وآليات فاعلة تستند إليها السلطة التنفيذية من أجل السيطرة والحد من انتشاره أو إيقاف بعض من مظاهره"، مبيناً أنه "قبل الشروع في العلاج يجب أن تضع الدولة أسساً قوية للوقاية من هذا المرض وحدوثه من خلال تعديل القوانين وتفعيل بعض العقوبات الصارمة وتطبيقها بشكل فعلي، على أن يسري الأمر على الجميع بدون استثناء، ومن ثم العمل على مكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين بشكل مباشر، وبغير ذلك تبقى سلطة الفساد أقوى من سلطة الدولة".
وأشار الأعرجي، إلى أن "ما تقدم الحديث عنه لا يأتي من فراغ، فلا بد من الوقوف على عدد من المفاصل؛ أهمها اختيار قيادات نزيهة كفوءة ضمن نطاق العمل، وإصدار حزم وقوانين جديدة تمنع الفاسدين من التلاعب، وكذلك رسم واعتماد ستراتيجية شفافة في العمل بشكل عام مع تفعيل دور الهيئة الرقابية، ومنها مكاتب المفتشين العموميين شرط أن تخضع هذه المكاتب إلى الرقابة والتدقيق خوفاً من حدوث ثغرة في هذا الجدار الأمني، وهنا يتحول الأمر بدلاً من نظام رقابي إلى نظام إداري متستر على الفساد".
تحرير: محمد الأنصاري