قصة معادة…الصيف في العراق

آراء 2023/07/16
...

رعد كريم عزيز

كلما فتح الصيف العراقي أبوابه، ووجه لهب نيرانه الكاوية، وهو يستغل غياب مخففات السعير والحرارة والتعرق، فإننا نفتح صفحة كتاب قديم، ونعيد قراءة قصته الحارة، وسط سماء مفتوحة، وشوارع بلا ظلال ولا حدائق، وها هو المواطن يرجع إلى البيت مغتسلا بعرقه، متيبسا من هواء حار يجفف حتى الأفكار، يأمل في نسمة هواء بارد وقدح ماء يروي ظمأه.
وما أن يدخل البيت... فإنه يواجه انطفاء الكهرباء وتذبذب تيار المولدة الأهلية، فينقلب مزاجه إلى لون داكن جامد بلا حراك، ويتذكر تعريف الماء الكيمياوي، لا لون ولا طعم ولا رائحة.
إلى هنا والحديث معاد، والقصة معادة، والشواهد معروفة، ويشترك بها الجميع، لأن لا أحد أحسن من أحد، ولا تفضيل الا للذين يتمتعون بلذائذ الحياة بطريقة أخرى، أما بالمال الذي يشتري كل وسائل الراحة، اضافة إلى السفر نحو بلاد تتمتع بأرقى الأجواء والخدمات.
مقابل ذلك فإن كل التصريحات المتسرعة التي تفتي بها الحكومة، قبل مجيء الصيف بخصوص الكهرباء وتوفيرها، واستيراد الغاز المشغل للمحطات، فإنها ايضا معادة وبشكل مكرر، ما ولد عدم ثقة بين المواطن والمسؤول، الذي يتبنى التصريح بأريحية واسترخاء وهدوء في الربيع، وكأن الصيف لن يأتي أبدا.
ترى ماذا يفعل المرشح للانتخابات المحلية، لو لمجلس النواب لو كان توقيتها في تموز، هل يوزع مكيفات الهواء أو يمسك المهفة اليدوية القديمة، ويحرك الهواء لمريض في المستشفى، تحت شعار صورني وأنا لا أدري، أو يصور نفسه وهو يحمل قالب الثلج على كتفه، ليوصله لبيوت الفقراء؟.
كل ما نحتاجه في صيفنا اللاهب، إلى الشفافية حتى لا نشعر بالحر، اضافة إلى الحيف، حين نكتشف أن التصريحات التي تسبق الصيف كانت زائفة، وسوقها المرشح أو المسؤول لتمشية الوقت.
وبهذه المناسبة أتذكر ما قاله لي أحد الاصدقاء الذين غادروا خارج العراق لاجئا، بأن جوابه عن سبب طلبه اللجوء الانساني بالدرجة الأولى، هو عدم تحملة درجات الحرارة العالية في صيف العراق، وتم قبوله بسرعة وبصدق دون لف أو دوران، وهو الآن يتمتع بأجواء الغرب، ويظهر كمحلل سياسي بآراء “ملتهبة” صادقة، لأنه إنسان واقعي ومتصالح مع نفسه.
والنتيجة الأخيرة لحال العراقي في الصيف انقطاع لوقت طويل للكهرباء الوطنية.
إعادة العلاقة الودية على حذر مع صاحب المولدة الأهلية.
إلقاء التحية “الحارة “ مع فرق تصليح المحولات الأسلاك الكهربائية، وهم يتعاملون مع اسلاك ومحولات معادة.
وكل صيف ونحن نعيد الحكاية تحت ظلال الأماني والوعود والصراعات، التي يبدو أنها لن تنتهي بسرعة.