طالب سعدون
الدولار يصعد بتدرج على راحته هذه المرة، دون ضجة ولا ضجيج، كما حصل في صعوده السابق، فقامت الدنيا في حينها ولم تقعد، وهو لا يأبه بحال الناس ولا بالمناشدات بأن يتواضع قليلا ويتعامل معهم برقة ولين ويقدر ظروفهم الصعبة ومتطلبات حياتهم المعيشية التي تتأثر به صعودا ونزولا .
يبدو ان الجميع سكتوا هذه المرة واستسلموا للامر الواقع .الحكومة كانت قد وعدت الشعب بأنها ستكبح جماح صعوده، ومع ذلك هو في صعود، وبشرت المواطن بمستقبل واعد للعملة الوطنية ونصحته بعدم اقتناء الدولار لأن الدينار العراقي أقوى .
نعم هو الاقوى إذا كان هناك اقتصاد قوي يسنده، النفط مصدر قوة للعملة الوطنية لأي بلاد نفطية في الدنيا ويجعلها سيدة في السوق أمام العملات الأجنبية لكن في العراق حصل العكس ليس بسب النفط، فلا يزال النفط كريما يضخ الملايين من آباره، وفي زيادة سنة بعد أخرى، ويأتي للدولة بمبالغ جيدة جدا ويشكل اكثر من 90 بالمئة من موارد العراق المالية. لكن الدولار سلعة يتحدد سعرها بضوء قانون العرض والطلب. إن قلة الانتاج المحلي يزيد من نسبة الاستيراد وبالتالي زيادة الطلب على العملة الاجنبية.
فالميزان التجاري يوضح قيمة العملة الوطنية ومستوى الاقتصاد والإنتاج فكلما زادت الواردات قلت قيمة العملة الوطنية، وارتفع مؤشر التضخم وازدادت الأسعار بسبب ارتفاع تكلفة الاستيراد، وبالتالي يكثر الطلب على العملة الأجنبية، كما أن انخفاض قيمة العملة الوطنية يدفع الناس الى استبدال ما لديهم من العملة الوطنية بالاجنبية للمحافظة على قيمة مدخراتهم، وهو عامل إضافي لارتفاع قيمة الدولار، اضافة إلى العمل به في بعض التعاملات التجارية.
إن قوة الاقتصاد أو ضعفه يحدد قيمة العملة الوطنية واتجاه الميزان التجاري والكفة الراجحة فيه، فإذا كانت الكفة تميل إلى الاستيراد، لضعف الانتاج المحلي ازداد الطلب على العملة الأجنبية على حساب العملة الوطنية. وهذا ينطبق على الدولار والدينار وإلى أيهما تميل الكفة.