وليد خالد الزيدي
لم تستطيع الحكومات التي تهمل آراء أبناء مجتمعها من مواصلة حكمها في اي بلد كان في الزمن المعاصر، بعد بلوغ مراحل التواصل الثقافي والاجتماعي ذروتها إلى الحد، الذي توسعت تأثيراتها في محركات السياسة العامة، لا سيما أفراد المجتمع الذين تتوسم فيهم الحكومات ارادة حقيقية للبناء الشامل، بعيدا عن الإسفاف في الطرح والمغالاة في المطاليب فاذا ما أردنا أن نؤسس دولة عراقية حديثة، لا مناص من تبني افكار عامة الناس والاطلاع على ارائهم في الاداء الحكومي لأنها في كل الحالات تعكس مستوى تعامل مؤسسات الدولة مع المطالب المشروعة للجمهور.
بناء الدولة والنهوض بمهامها يستلزم تجاوز الممارسات الخاطئة والمفاهيم المنحرفة الموروثة من العقود السابقة، عندما كانت القرارات تتخذ خلف الكواليس والخطط توضع بانماط استبدادية واجتهادية غير مؤمنة بقواعد بناء الدولة القوية والمجتمع النامي، وبغياب أهم أسس البناء التي تقوم عليها مثل هذه التجربة وهو رأي الناس وحاجاتهم المشروعة، تلاشت حالة ترسيخ مفهوم المجتمع المدني وحقوق الإنسان واسس الديمقراطية في اتخاذ القرار، فابتعد الشعب عن دوره، الذي يفترض أن يجعله أهم مصادر سلطات الحكم الرشيد.
ما يلفت الانظار هذه الايام المتابعات المباشرة من قبل الحكومة وبعناوين مختلفة لسير أعمال تنفيذ المشاريع الخاصة بالخدمات المهمة، لا سيما في العاصمة بغداد ومعرفة مستويات الإنجاز، والمشكلات التي تعترض تنفيذ خططها المعدّة، وفق جداولها الزمنية وزيارات ميدانية، لمتابعة مراحل العمل بهدف تقليل الصعوبات وتذليل العقبات، التي تواجه تنفيذه والشيء الجديد والايجابي في تلك القضية، هو تبني الحكومة آراء المواطنين ودرجة تقييمهم لمستوى الخدمات في مناطق مختلفة من العاصمة، باعتبار رضاهم معيارا في جودة العمل وتحسين نوعيته.
وفي حكومة تعي مفهوم المجتمع المدني والمشاركة الجماهيرية في البناء الشامل خارج أطر التهميش ومفاهيم الاقصاء.
لوعي المجتمعي حاليا أصبح واقعا ملموسا يفرض نفسه، ويعكس أوجه فعله على مجريات الأحداث، من خلال المطالبات المتكررة لتحسين الخدمات وإزالة عقبات تنفيذها، وظهر ذلك جليا في المقابلات الشخصية المباشرة للمسؤولين الحكوميين مع عامة الناس، لذا لا بد من مواصلة هذا التفاعل مع افراد الشعب والتعرف على همومهم واستطلاع ارائهم في الاداء الحكومي، لا سيما التي تنطلق من مصالح عامة وحاجات
مشروعة.