الاستقرار السياسي والاستثمار الأجنبي توأمان

آراء 2023/07/18
...

باقر صاحب    
الاقتصاد توأم السياسة، متى ما كان هناك استقرارٌ سياسيٌّ في بلدٍ ما، بإمكانه أن ينشط عجلة الاقتصاد، ويصبح بيئة جاذبة ليس للرأسمال المحلي فحسب، بل للاستثمار الأجنبي أيضاً.وليس اعتباطاً أن تتوالى تقارير لمراكز بحوثٍ عالمية، وتقارير بعض الفضائيات المستندة بشكل أو بآخر إلى تقارير تلك المراكز، ومنها قناة التغيير، حيث ورد في تقريرها أن الحكومة العراقية الجديدة” اتجهت إلى مرحلة عملية لإنتاج بيئة خصبة للمشاريع الاستثمارية العالمية في البلاد”.

تقرير مركز الروابط – مكتب شمال أميركا، بقلم الباحثة شذى خليل أكّد سعي الحكومة إلى التغلّب على المعضلات التي تواجه تنشيط الاستثمار الأجنبي في العراق، وهذا ينبع من رؤية أن النشاط المتزايد للاستثمار، سيكسب العراق سمعةً إقليميةً ودوليةً، بأن العراق أصبح بيئةً جاذبةً، وليست طاردةً للاستثمار الأجنبي، وهذه السمعة هي حصيلة تقارير وكالات الإعلام ومراكز البحوث، تصبّ في إيصال انطباعٍ بأنّ العراق أصبح ساحةَ عملٍ في جميع المجالات، الأمر الذي يحفّز الشركات العالمية، على القدوم إلى العراق، لرؤية ما يجري تحقيقه على أرض الواقع.
بالأمس القريب تحدّثت وكالات الإعلام العربية والأجنبية عن مشروع طريق التنمية العملاق، والتحرّكات العملية لتهيئة البنية التحتية لهذا المشروع من جنوب العراق إلى شماله، كما تناولت تقارير عالمية سعي العراق تصدّر قائمة منتجي النفط في العالم، بالوصول إلى معدل إنتاجٍ يُقدّر بخمسة ملايين برميل يومياً، ومن ثم التدرّج حتى بلوغ الإنتاج النفطي
إلى نحو 13 مليون برميل يومياً، هذا لأنّ العراق بحسب تلك التقارير يُعَدُّ “صاحب أكبر حقولٍ مكتشفةٍ غير مُطوّرةٍ في العالم. وحدّدت إدارة معلومات الطاقة أن للبلاد 145 مليار برميل من احتياطيات النفط الخام المؤكّدة، أي قرابة 18 في المئة من إجمالي احتياطي الشرق الأوسط، وخامس أكبر احتياطيٍّ في العالم”.
نرى أن هناك ترابطاً ملحوظاً بين مشاريع طريق التنمية وتصدّر معدلات إنتاج النفط في العالم وكذلك العقود التي وقعتها وزارة النفط العراقية مع شركة توتال انرجي الفرنسية، وهي عقودٌ عملاقةٌ مؤجلةٌ بقيمة 27 مليار دولار تهدف إلى الاستثمار في الغاز المصاحب مع النفط المستخرج بدلاً من حرقه في الهواء، وتطوير بعض الحقول النفطية، فضلاً عن الشروع في إنتاج الطاقة المتجددة، واستغلال مياه البحر في عمليات إنتاج النفط بدلاً عن استخدام المياه العذبة للأنهار والأهوار. ومما يدعم ما نريد قوله هنا، تصريح الرئيس التنفيذي للشركة الفرنسية”، آمل أن تكون هذه إشارة قوية للمستثمرين الآخرين للقدوم إلى العراق”.
وبالعودة إلى تقرير مركز الروابط، فقد ذكر بأن مجلس الوزراء العراقي شرع فعلياً في إزالة المعضلات التي تواجه الاستثمار الاجنبي، منها إجراء “تعديلات جوهرية على القرار (245 لسنة 2019) لتبسيط العمليات الإدارية، وخلق بيئة استثمارية متقدمة، وتوفير المزيد من الصلاحيات والمرونة في تقليل الوقت اللازم لمنح تراخيص الاستثمار”. فضلاً عن تفاصيل كثيرة، لا مجال لذكرها هنا، تشكّل خريطةَ طريقٍ جادّةٍ تسهم في تنشيط الاستثمار الأجنبي.
وفي إشارةِ واضحةٍ إلى رؤيتنا بشأن توأمة الاستقرار السياسي مع الاستثمار بنوعيه المحلي والأجنبي، تذكر كاتبة التقرير شذى خليل أنّ “هناك مؤشرات على أن الوضع ربما بدأ يتغيّر، ومن المُتوقع أن يؤدي تحسّن البيئة السياسية والأمنية، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط العالمية، إلى توفير بعض الراحة للوضع الاقتصادي العراقي”.
ما أسمته الكاتبة خليل بـ ( بعض الراحة) ينعكس على زيادة معدل الدخل السنوي للفرد العراقي، وتشغيل مئات الآلاف من العاطلين في المشاريع الاستثمارية العالمية، الأمر الذي يصبُّ، بالمحصّلة، في الاستقرار الاجتماعي والنفسي للمواطن مع تحسّن مستوى الخدمات المقدّمة له في كل المجالات.