علي رياح
الرئيس الثري الذي يأتي بأمواله كي ينفق ويستثمر ليفيد ويستفيد، أم الرئيس الذي لا يملك سوى انتماء الأمس إلى جدران النادي لاعباً أو مدرباً أو إدارياً؟.
كثيراً ما يواجهني هذا السؤال خصوصاً في ظل الوضع المتردّي الذي يعيشه كثير من الأندية العراقية، حتى الكبير منها تاريخاً وسمعة وإنجازات.. ولا أملك بين الفئتين أية مقارنة على أي وجه من الوجوه، فالرياضة صناعة وتجارة مثلما هي هواية ولعب أو لهو بريء..
وعلى سبيل الصدفة، وقع بين يدي تقرير أعدّته مؤسسة ديلويت للاستشارات، يكشف عن أن الدوري الإنكليزي أصبح يهيمن بنحو متصاعد على كرة القدم العالمية، والسر يكمن في رؤساء أو مُلّاك لا يعرف حتى جمهور الأندية المَعنية كثيراً عنهم، فكرة القدم رياضة جماعية، لكن أصل النجاح لا يكمن فقط في اللاعبين أو المدربين وإنما في أصحاب السطوة المالية في هذه الأندية.
أروع ما في التقرير أنه يجيب عن السؤال: كيف صنع مُلّاك عشرين نادياً ثرواتهم التي باتت عصب الحياة للبريمييرليغ؟ والإجابة تحمل اتجاهات شتى، فهناك من جمع ثروته من أعمال البناء وبيع وشراء العقارات، وثمة من نجح في ميدان المراهنات الرياضية وحقـّق ربحية جعلته بين أثرى الأثرياء، وفئة نجحت في معامل صنع الورق – حتى ورق المناديل منه – وهناك من امتلك معامل لتخصيب النيتروجين، والإقراض المالي، ودور الأزياء ووكالات التجهيزات الرياضية، والتأمين وصناعة الترفيه وكذلك المجلات واسعة الانتشار بين صفوف الشباب.
لا يتـّسع الحيّز هنا للحديث عن قصص كل أثرياء الأندية وكيف عملوا على تنمية ثرواتهم في وضح النهار ثم اتجهوا لشراء بعض الحصص أو معظمها في الأندية الإنكليزية، ويلفت انتباهي هنا دانييل ليفي رئيس توتنهام هوتسبيرز الذي تعاظمت ثروته فجأة في يوم سمي (الأربعاء الأسود) حين ضربت الأزمة مصارف أوروبا عام 1992.. وقصة مسلية أخرى عن عائلة كرونيك الذي تزوّج كبيرها ستان من آن وولتون وهي ابنة واحد من كبار أثرياء أمريكا عام 1974.. بينما كانت أكثر القصص دراماتيكية إجبار الثري الروسي رومان ابراموفيتش بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، على بيع نادي تشيلسي إلى اتحاد الاستثمارات الأمريكي الذي يقوده تود بوهلي بالاشتراك مع مؤسسة كليرليك كابيتال وآخرين.
أسرار شتى وراء امتلاك الأندية، لا تعني المشجع المُحب لناديه بقدر رغبته في أن يرى الثري يُنفق ويستثمر وأن يرى النادي في أفضل حال، وهو ما حققته الاستثمارات الخليجية الناجحة في أندية مثل مانشستر سيتي ونيوكاسل وشيفيلد يونايتد.. وربما تكون خيوط الحكاية غير مكتملة حين يتعلق الأمر بعائلة غلايزر الناشطة في أسواق المجوهرات والساعات الثمينة والعقارات والتي اشترت النادي عام 2005 وما زالت موضع سخط جماهير اليونايتد لسياستها الإدارية المتواضعة برغم ما أنفقته من أموال طوال المواسم الماضية.
كنت أودّ المرور على حكاية كل مالك للأندية في الدوري الإنكليزي، ولكن ما باليد حيلة، فالحيّز لا يتـّسع.. مع يقيني الراسخ بأن كل الاستثمارات هناك ضاعفت الثروات، بينما تعيش أندية في أمكنة أخرى من العالم أحوالاً متردية لا لسبب إلا لأن رؤساءها يعيشون من مالها ويقتاتون عليه ويطلـّون منها على الوجاهة إعلامياً واجتماعياً، والنتيجة كل هذا الخراب العميم الذي (حققه) الرؤساء التنابلة ! .