السياسة وصراع الصواريخ

قضايا عربية ودولية 2023/07/24
...

علي حسن الفواز

تُغرّد كوريا الشمالية بصوتها الصاروخي خارج السرب الأميركي، وتفتح باباً آخر لصراع التصريحات مع الولايات المتحدة، وكأنها بهذا الصوت تعمل على تصريحٍ جديد يقوم على إشهار القوة الضدية، وبخروجٍ علني على لعبة السياسات التي تفرض شروطها الولايات المتحدة، والتي تعني تحديها للعقوبات الاقتصادية والسياسية، وانخراطها في مواجهة مناوئة لأميركا تقودها روسيا والصين، حتى بات السلاح الصاروخي الذي يختبره الكوريون باستمرار وكأنه استفزاز للكبرياء الأميركي، وتأكيد على أن الايديولوجيا الماركسية بنسخة كيم إيل سونغ مازالت حية، وأن الروس والصينيين يعرفون خطورة الرعب الصاروخي على المزاج الأميركي، وعلى دورها في أي صراع قادم في جنوب شرق آسيا.
اختبرت كوريا الشمالية السبت الماضي صواريخ كروس جديدة تُطلق من البحر، وهي رسالة تأتي في توقيت محدد، وفي مكان محدد، وبما يُعطي لهذا الاختبار دلالته وسط تكثيف عسكري أميركي في بحر اليابان، وفي ظل ضغط على دول المنطقة وعلى الصين لوقف استمرار التحدي الكوري، ومنع التحايل على العقوبات كما يقول بعض سفراء الدول لدى الأمم المتحدة.
مايحدث في الملف الكوري ليس بعيداً عن السياسة، ولا عن المواقف التي تحاول الولايات المتحدة إعلانها، ووضعها شروطاً لمنع أية عسكرة تتحدى إجراءاتها، وتهدد مصالحها، وتُسهم في تسخين الأجواء المتوترة بسبب الصراع الصيني الأميركي حول قضية تايوان، ما يعطي للتصعيد الصاروخي الكوري زخماً يتجاوز الجغرافيا والعسكرة إلى السياسة، وإلى حُسن إدارتها، وإلى محاولة إيجاد نوعٍ من الدبلوماسية المُخاتلة، والتي تحاول الولايات المتحدة اعتمادها مع الآخرين، لاسيما بعد تحفّظ كوريا الشمالية على قضية الجندي الأميركي الذي دخل أراضيها هارباً من الاعتقال في كوريا الجنوبية، والتي ستسبب حرجاً لحكومة الرئيس الأميركي جو بايدن.
قضية الجندي الهارب تتطلب جهداً في السياسة، وفي الدبلوماسية، مقابل إرجاء حديث الصواريخ إلى حسابات تحتاج هي الأخرى إلى سياسة أكثر مرونة، وإلى معالجة تأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الملفات العالقة بين الكوريتين، والملف التايواني، وكذلك الملف التجاري مع الصين، فضلاً عن تداعيات الصراع الروسي الأوكراني، وهو مايعني إعادة النظر بملف العقوبات الدولية على كوريا الشمالية الخاصة بإجبارها على وقف برامج الأسلحة النووية والباليستية.