عباس جميل.. عطاء يتجدد مع الأيام

ثقافة 2023/07/26
...

 بغداد: كاظم لازم
 تصوير: نهاد العزاوي
لقب بعميد الأغنية العراقية من قبل نقابة الفنانين العراقيين العام 1991، وله تاريخ حافل بالانجازات الغنائية واللحنية، التي ظلت عالقة بإذهان المستمعين العراقيين منذ أكثر من نصف قرن وما زالت.. عندما نستذكر الفنان عباس جميل، فكأننا نقلب صفحات مشرقة من الوجد العراقي بنهكة بغدادية، محببة تثير الطرب والشجن.

ترك لنا جميل (400) أغنية ما زال عشاق الغناء العراقي الاصيل يرددونها بتلذذ ومتعة، وشكل مع المطربة زهور حسين ثنائيا ابداعيا تمخضت عن انتاج 60 أغنية لعل ابرزها "غريبة من بعد عينج يا يمه "، التي عدت من أهم الأغاني العراقية، التي لحنت للأم، وأغنية "أم عيون حراكه، جيت يا اهل الهوى، تحاسبني على الايام، تعال اكعد وره الباب، سلمه ياسلامه.. وغيرها.
ايضا لحن للفنانة وحيدة خليل أجمل أغانيها مثل: عين بعين على الشاطي، عليمن ياقلب تعتب، جا وين اهلنا، بسكوت أون .. وغيرها.
فضلا عن تلحينه عددا كبيرا من نجوم الغناء العراقي منهم: ناظم الغزالي وسليمة مراد وداخل حسن وعبد الصاحب شراد ولميعة توفيق وغادة سالم وانصاف منير واحلام وهبي وسعدي الحلي وأمل
خضير وأحمد نعمة وآخرون.

حفل استذكار
وقد أقامت دائرة الفنون الموسيقية حفل استذكار للفنان الراحل عباس جميل الاسبوع الماضي، وسط حضور جماهيري غصت به قاعة الرباط، من خلال استعادة أغانيه، التي لحنها منذ خمسينيات القرن الماضي.
ابتدأ الحفل بعرض فيلم تسجيلي عن رحلة جميل واساتذته الذين اشرفوا على تدريسه، ليتحدث فيصل ابن الفنان عباس جميل عن رحلة والده الفنية وكيفية نقل الموروث الريفي إلى المدينة.. لتتبارى بعد ذلك الاصوات شبابية، ومنهم قيصر عبد الجبار الذي غنى " يايمه اثار هواي"، وغنى المطرب عمار العربي أغنية "بسكوت أون"، ليغني المطرب حسين جبار "جيت يا اهل الهوى".
ليقدم مطرب المقام منير ناظم أغنية " كولوله لبو عيون الوسيعة"، اما المطرب مصطفى الرسام فغنى " ام عيون حراكه" للمطربة زهور حسين، ليشارك المطرب محمد الشامي بأغنية "وين ابن الحلال "، كما قدم المطرب قاسم اسماعيل اغنية "اتوبه من المحبة"، وأدت المطربة الشابة سوزان زنكنة اغنية "ماني صحت"، ليختتم الحفل المطرب يوسف الربيعي باغنية "
ياطبيب".
مدير دائرة الفنون الموسيقية ووكيل وزارة الثقافة الدكتور عماد جاسم قال:" كان الحفل استعادة لاعمال عميد الموسيقى العراقية عباس جميل، عبر أصوات شبابية لتستمر فعاليات الدائرة ونشاطها الموسيقي إلى نهاية شهر ايلول المقبل لتقديم حفلات موسيقية لكبار الموسيقيين".
الباحث الموسيقي حبيب ظاهر عباس قال" كان يوما متميزا للاغنية في عصرها الذهبي، فقد كانت ألحان عباس جميل محفورة بذاكرة المستمعين بعد سنوات من العطاء الابداعي".
رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي أشار إلى تفاعل الجمهور الكبير مع الحان الملحن الراحل، وهي بادرة رائعة لاستذكار موسيقيي العراق الذين تركوا بصمة كبيرة في تاريخ الأغنية العراقية".

مشواره الفني
يذكر ان الفنان عباس جميل ولد في محافظة كربلاء 1927، وعند ولادته انتقلت عائلته للسكن والعيش في منطقة باب الشيخ بجانب الرصافة وسط بغداد، حيث نشأ وترعرع.
بعد أن أكمل دراسته الأولية، تطوّع في الجيش العراقي معلما للرياضة في الكلية العسكرية في بغداد منتصف أربعينيات القرن الماضي.
ثم دخل الجيش قبل أن يدرس بشكل متقطع في معهد الفنون الجميلة بقسم الموسيقى في بغداد، ما بين عامي 1953 و1960.
وخلال دراسته في المعهد تعلّم أصول كتابة النوتة الموسيقية والعزف على آلة
العود.
وبين نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات كان يمتلك محلا للتصوير في منطقة باب المعظم، مقابل مبنى وزارة الدفاع القديمة وسط بغداد، وكان يمتهن التصوير الفوتوغرافي.
في بداية شبابه دعمه رئيس الوزراء في العهد الملكي نوري السعيد، عندما قرر نقل خدماته من الكلية العسكرية التي عمل مدربا فيها للرياضة واللياقة البدنية، إلى قسم موسيقى الجيش التابع لوزارة
الدفاع.
ثم اقترح السعيد على جميل التقاعد من الجيش بعد منحه رتبة أعلى ليتفرغ لفنه، وكانت أولى انطلاقاته نحو الفن الرفيع ليواصل مشواره الفني.