تعيينات الخريجين الأوائل مشكلة أم حل؟

آراء 2023/07/27
...

 علي حسين عبيد

من بين القوانين والتشريعات الجيدة لمجلس النواب العراقي هو قانون 67 الخاص بتعيين خريجي البكالوريوس الأوائل في مؤسسات ودوائر ومعامل الدولة، وامتصاص الزخم السنوي المتتالي لهؤلاء الخريجين والاستفادة من معلوماتهم ومهاراتهم، بعد رحلة دراسية تقرب من العشرين عاما موزعة بين المراحل الدراسية المتعاقبة.

حدث التفاف على تطبيق هذا القانون، حين تم الاكتفاء بتعيين الطالب الأول فقط على الأقسام والكليات، وحُرم الثواني والثوالث، حدث هذا في سنة 2008، وغالبا ما كانت تذهب تعيينات الأوائل لأصحاب الواسطات ومن لفّ لفهم، في حين أن القانون أعلاه يشمل الثلاثة الأوائل، ولم يتم تطبيقه إلا في هذه السنة (2023) من قبل مجلس الخدمة الاتحادي، حين اتخذ قرارا بتوفير 74 ألف درجة وظيفية للأوائل الثلاثة بالتعاون مع وزارتي المالية والتخطيط، وشمل الطلاب المتخرجين من 2003 وحتى 2022.

من مجموع الدرجات الوظيفية الـ 74 ألفا توفرت ما يقارب 32 ألف درجة وظيفية ظلت شاغرة، فطالبَ بها المتبقّون من الأوائل العشرة من التسلسل 4 حتى التسلسل 10 باعتبار أن الأول والثاني والثالث تم تعيينهم، واليوم يطالب خريجو التسلسلات من 4 إلى 10 بشمولهم بقانون 67، المذكور في أعلاه بعد إجراء تعديل بسيط عليه ينص على شمول الخريجين العشرة الأوائل كلهم في الجامعات العراقية.

أين تقع المشكلة في شمول العشرة الأوائل؟، بحسب الرؤية الاقتصادية للاقتصاد العراقي، فإن الترهل الإداري الذي بلغته المؤسسات الحكومية يشكل خطرا واضحا على الحاضر والمستقبل الاقتصادي في العراق، حيث تجاوزت أرقام الموظفين في الحكومة العرقية أربعة ملايين موظف، وهو عدد هائل تخصص له سنويا عشرات الترليونات من الموازنة التشغيلية، مما يزيد من مرض البطالة المقنّعة، ويهدد بإفلاس خزينة الدولة وعجز الحكومة عن توفير الرواتب لهذا العدد الهائل فيما لو تعرضت أسعار النفط لأية ضربة قادمة ولأي سبب كان.

وإذا لجأنا إلى مقارنة الخطأين، خطأ تعيين الخريجين، وخطأ تركهم عرضة لوباء الفراغ، وأيهما أشد خطرا، فإن خطر الفراغ هو الأكثر فتكا وتدميرا، أما إذا اعترفت الحكومة العراقية بعدم قدرتها على تعيينهم على ملاكها الدائم، فمن الأولى بها أن تبتكر الحلول العملية الصحيحة والسريعة لهم، مثل استيعابهم في القطاع الخاص وإعادة فتح المعامل والمصانع، وزجهم في معاهد تطوير المهارات وما شابه.

أما في حال غابت الحلول الحكومية وعجزت عن توفير فرص عمل لهم في القطاع الخاص، وظلت مكتوفة الأيدي في حيال فتح وتشغيل المعامل والمصانع المعطّلة عن قصد، فمن الأولى أن يتم تعديل قانون 67 ويتم شمول الأوائل من تسلسل 4 إلى 10 بالتعيين، لأنهم أحق وأولى بأموال النفط من أن تذهب هدرا أو تبذيرا أو اختلاسا.