حارث رسمي رحومي
شهد النظام السياسي في العراق منذ بواكيره بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 والذي أكمل عقده الثاني قبل أشهر قليلة أزمات متعددة، كما مر بمنعطفات خطيرة ولحظات انسداد كانت تضربه بين الفترة والأخرى، دفع ثمن كل هذا المجتمع بمختلف ألوانه ومكوّناته وأطيافه. عقدين إن أريد لها أن توصف بدقة فهي (عشرون عاماً من غياب الاستقرار) غياباً سُجل على جوانب كثيرة (سياسية، اقتصادية، أمنية، واجتماعية).
ويعاد في كل مرة الحديث عن ضرورة اعادة النظر بهذا النظام وضرورة اصلاحه، منذ انطلاق أول الاحتجاجات في العراق عام 2011 التي تأثرت بطريقة أو بأخرى بما كان سائداً في المنطقة آنذاك – الربيع العربي- ولغاية الآن. وبعد كل موجة احتجاجية كانت السلطة تفرض مزيداً من اسوار الحماية لإغلاق هذا النظام السياسي، يقابلها جمهور المحتجين الساعين لإحداث التغيير المنشود.
وتعاد مرةً بعد الأخرى في خضم كل حركة احتجاجية النقاشات حول المدى الذي يجب أن تقف عنده الشعارات و الاهداف، وتُدَشن النقاشات حول ثنائية (الاصلاح – التغيير). معسكر يقول بإمكانية اصلاح النظام السياسي القائم، وهذا الفريق له رؤيته لممكنات هذا الاصلاح ويحذر من جملة قضايا منها ان لحظة تصفير هذا النظام السياسي قد لا تعني بحال من الأحوال إمكانية بناء النظام السياسي الأفضل والسبب الأوضح – حسب اعتقادهم – إنه لم تتبلور بعد فكرة واضحة وقابلة للتنفيذ عن النظام الجديد. المعسكر الآخر هو الأكثر راديكاليةً، وهذا ينادي بأن مجالاً لإصلاح النظام السياسي لم يعد ممكناً خاصة، بعد أن جرّبت الحركة الاحتجاجية في العراق كل ممكنات ذلك، يضاف لها تعقيد هذا النظام السياسي نفسه وبناءه لشبكة كبيرة وواسعة من المصالح البينية/ الزبائنية والتي حوّلته بالنسبة لهؤلاء مصدراً للعيش وارتبطت مصالحهم ووجودهم بوجوده. وبالتالي فهؤلاء من الممكن أن يشكّلوا مجتمعين معسكر دفاع عن هذا النظام.
وأعتقد من المهم في هذه المرحلة، مرحلة الاستعداد لخوض انتخابات مجالس المحافظات أن يتذكر قادة وزعماء النظام السياسي، والكتل النيابية الكبيرة المسيطرة ما أشار له استاذ السياسات الدولية غيورغ سورنسن حول توصيفه للانتخابات الجيدة باعتبارها «ترتبط بما يحدث خلال فترة الإعداد لها، والتي تسبق الحدث بقدر ما ترتبط بالعملية السياسية التي تلي الحدث».
السؤال الأكبر الذي من الواجب أن يجيب عليه النظام السياسي هو كيفية اقناع غالبية الناس في العراق في ان ما يجري هو لصالحهم؟!.