العراق ومنتدى الشارقة الاقتصادي

آراء 2023/08/09
...

باقر صاحب

لقاءٌ جديدٌ سيجمع العراق مع دول مجلس التعاون الخليجي، وهو المُسمّى منتدى الأعمال الخليجي العراقي المُزمع عقده في إمارة الشارقة- دولة الإمارات العربية المتحدة، أيلول المقبل.
ما يوحي بأنّ هنالك مسعىً مُتبادلاً بين كلٍّ من العراق ودول الخليج لدفع التقارب السياسي والاقتصادي والثقافي بينها إلى الأمام.
 ويوضّح مراقبون ومحللّون سياسيون أنّ مظاهر التقارب هي ثمرة الاستقرار الأمني المتزايد منذ أكثر من عقد، لأنَّ العراق في منظور دول الخليج، يشكل عمقاً استراتيجياً لها، فضلاً عن أنّه بانتهاء العنف المسلّح فيه، أصبح سوقاً كبرى لكلّ فعاليات الاستثمار، لغنى موارده الطبيعية، وثروته البشرية، واهتمام العراقيين بفتح أبواب الاستثمار في كلّ
المجالات.
وهنا نعرّج إلى نجاح العراق الساحق في تنظيم خليجي 25 في البصرة، وإحراز العراق كأس بطولة الخليج، وانبهار المسؤولين والمواطنين الخليجيين بهذا التنظيم والأجواء البصرية الرائعة، هذا النجاح خلفيّته الاستقرار الأمني والنهوض الاقتصادي، ما غيّر الانطباعات الشائعة سابقاً لدى الخليجيين، عن مخاطر السفر إلى العراق، وتولَّدَ انطباعٌ مغاير، بأنَّ العراق بلد السلام والضيافة والكرم والمحبة والتسامح، وأنَّ شعبه راغبٌ بقوَّة، في طيِّ صفحة الماضي، وتغيير الصورة السوداء التي طبعها في أذهان الخليجيين النظام المباد نتيجة غزوه للكويت في آب عام 1990.
وممّا أعاد ثقة دول الخليج بالسياسات العراقية تجاه دول الخليج، الدور الذي لعبه في إعادة العلاقات بين السعودية وايران، ولهذا توالت زيارات مسؤولين خليجيين على مستوىً رفيعٍ خلال العام الحالي، على رأسهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأمين عام مجلس التعاون الخليجي محمد جاسم البديوي ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية الكويت عبد الله السالم الصباح، وبحسب «الجزيرة نت» ذكر المستشار السياسي لرئيس مجلس الوزراء العراقي فادي الشمري أنّ «الملفّ الاقتصادي كان حاضراً بقوّةٍ في حوارات رئاسة الوزراء مع الوفود الخليجية، معتبراً أنّهُ ملفٌّ يحظى بالأولوية بالنسبة للحكومة الحالية، مشيراً إلى أنَّ ملفّاتٍ عديدةً أخرى جرى بحثها، ومنها قطّاعات الطاقة والنفط والبتروكيميائيات والكهرباء والصحة والإسكان».
وهنا لا ننسى مشاركة مسؤولين خليجيين في مؤتمر طريق التنمية الذي عُقد في العراق، حيث أعلنت دول الخليج حماسها بالمشاركة في هذا المشروع العملاق الذي يربط العراق ودول الخليج بتركيا ودول
أوروبا.
نقول؛ هناك ارتياحٌ من دول الخليج إزاء سعيِ الحكومة العراقية إلى الخلاص نهائياً من العزلة العربية، والتزاور والتشاور وعقد الاتفاقيات الاقتصادية التي تصبُّ في صالح ازدهار العراق عمرانياً واقتصادياً وثقافياً وصحيّاً، والإفادة من خبرات شركاتها للاستثمار في العراق على طريق التكامل الخليجي والعربي بين العراق والدول العربية الناهضة كافة، فمنذ ما يزيد على أربعة عقود، شُغلَ العراق بحروبٍ عقيمةٍ لم ينتجْ عنها غير الخراب والتخلّف عن ركب سائرِ الدول المحيطة، التي كانتْ تبني وتصنع وتزرع، وتصدّر منتوجاتها، فيما العراق لا يزال بلداً مستهلكاً ومستورداً للسلع والبضائع في المجالات كافّة، بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً.
وهنا نتأمّل من الحكومة العراقية أن تستثمر الانفتاح على الجوار الخليجي والعربي، ودول العالم بما يخدم مصالح العراق وسيادته وأمنه وشعبه المتطلّع للعيش في أجواء الرفاهية والتقدّم العمراني والاقتصادي والصحي وتشغيل مئات الآلاف من شبابه العاطلين عن العمل.