جريمة العصر

آراء 2023/08/09
...

سعد العبيدي
زوجة أب شابة تتفنن في قتل ابن زوجها الصبي، تعرضه إلى تعذيب لأشهر، كياً بالنار وغزاً بالسكاكين قبل الشروع بإماتته عن طريق الإكراه بالتهام كيلوغرام من ملح الطعام، فهي والحالة هذه شاذة في سلوكها، مجنونة بكل المقاييس النفسية، لأن من يجرأ على إيذاء طفل، هو حتماً مجنون.

لقد شكى ذاك الطفل حاله إلى مدرسته أو حتى وصلها مع علامات التعذيب، ولم يحصل على استجابة للتدخل من مدير أو معلم لوقف مسلسل التعذيب، فالمدرسة في هذه الحالة لا تصلح أن تبقى مدرسة تربي أجيالا، ولا يصلح نظامها لحماية الأطفال، وإعدادهم إلى مستقبل آمن، ولا يصلح مديرها للإدارة ورعاية التلاميذ، كذلك لا يصح بقاء المعلم فيها بمكانه مربياً
للأجيال.
كان موسى يخرج إلى الشارع مثخن الجراح، يبكي بحرقة، وعلى جسده الغض آثار التعذيب، لم يسأل أحد من رواد الشارع عن السبب، ولم يتدخل أحد لإنصاف الطفولة التي تحتضر على أيادي القساة المجانين، فبات الشارع هو الآخر مجنون يسهم في جرائم التعنيف،التي تتزايد يوماً بعد آخر في عموم البلاد، وكان موسى يصرخ من آلام التعذيب فمن غير المعقول لم يسمع الجار الملاصق صراخه المتكرر، ولم يدرك أنين الطفولة وزعيق المرأة المعتوهة، لكنه لم يتدخل ولم يجرؤ، إخبار الأب المسطول، فبات هو الآخر مساهماً في تعزيز حصول الجريمة، وباتت الجيرة وهما، وبات المثل القائل (الجار قبل الدار) لا يصلح لهذا الزمان.
إن مقتل موسى وإد للطفولة في عموم البلاد، لا ينبغي اقتصار محاكمتها على المجرمة زوجة الأب، بل وكذلك حشر الأب في قفص الاتهام، والنظر في لوم المجتمع الذي اختلت معاييره، بل ومحاكمته، بقصد الوصول إلى أصل الخطأ الذي دفع به إلى أن يكون بهذه القسوة التي تقترب مستوياتها من الجنون.