منصب المدير

آراء 2023/08/10
...

 بشير خزعل 

 باستثناء المبدع والمطور للمؤسسة التي يقف على راسها مديرون أو مسؤولون من المقتدرين فنياً وادارياً ومهنياً، فمن المصلحة العامة ألا يبقى مدير أو مسؤول ما في مكانه لفترة طويلة، بغض النظر عن معيار الفساد الذي اصبح وحيداً في بقاء أو عزل مسؤول ما، الكفاءة والتدرج في العنوان الوظيفي والخبرة التراكمية، لم يعد لها مكان ولم يؤخذ بها في أغلب المؤسسات الحكومية، وباجتهادات إدارية داخلية لا سند قانونياً لها وتحت (مسمى العنوان الوظيفي ليس شرطاً للمنصب)

السؤال هنا ما هو المقياس في قانون المؤسسات والدوائر الحكومية؟ وتحت أي ضوابط وتعليمات تجري عمليات الترقية والترفيع ضمن الاختصاص؟ وما هو رأي مجلس الخدمة الاتحادي والقضاء الاداري في تفسير القوانين النافذة من قبل تلك الموسسات على هوائها أو مزاج صاحب القرار فيها، الخبرة المتراكمة والتدرج الوظيفي والتفاضل مابين المتنافسين على منصب ما من قبل لجنة خبراء مختصين كان العنوان الأبرز في اختيار مديرين عامين للمؤسسات الحكومية في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية، وحتى مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، ولذلك كانت تلك المؤسسات منتجة ومنتظمة في تقديم خدماتها بالشكل الصحيح، فما معنى أن يكون موظف من الدرجة الخامسة أو السادسة أو حتى من خارج النظام الاداري للمؤسسة بموقع مدير عام أو معاون مدير عام، في حين يعمل موظف لا تنقصه الخبرة والحرفة الفنية من الدرجة الثانية أو الاولى في موقع وظيفي، أقل بكثير من صاحب الدرجة الخامسة أو السادسة، فأين الاستحقاق الوظيفي و القانون الإداري من هذا الخطأ الذي دمر مؤسسات الدولة العراقية وأحالها إلى دوائر فوضى وبطالة مقنعة، الاختيار العشوائي وفق نظام المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية لأشخاص غير مؤهلين لإدارة انفسهم، وليس لمئات الموظفين، بحاجة إلى رؤية ودراسة منطقية من الحكومة، أن تصبح النزاهة والفساد فقط هي المعيار في تعيين مدير أو مسؤول، وغض النظر عن الخبرة وكفاءة الإدارة والتنظيم، أمر مفروغ منه ولن يفضي إلى أي تقدم وتطور مؤسساتي، اذ أصبحت الضرورات المهمة غير موجودة في شخوص الكثيرين من المدراء الموجودين في دوائر المؤسسات الحكومية، ولذلك ظلت أغلب تلك المؤسسات تعاني من فشل ذريع وفساد رائج وتخبط إداري، يرجع ضرره المأساوي على المواطن والمجتمع والدولة. النظام الإداري بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم الأداء الوظيفي في دوائر الدولة، فليس كل مهندس أو حامل لشهادة دكتوراه أو طبيب، يمكن أن يكون وزيراً أو مديراً، وكذلك ليس كلَّ مثقف أو شاعر أو أديب، يمكن أن يكون رئيساً أو مسؤولاً لمؤسسة إعلامية، الحرفة المهنية المتراكمة من أرض الميدان مع سنوات الخبرة الإدارية في أروقة المؤسسات المتخصصة للموظف المختص في مجاله وحسن سيرته الأخلاقية، هي وحدها من تصنع كفاءات يمكن أن تتولى مسؤولية إدارة تلك المؤسسات بنجاح، أما طريقة (روح صير مدير أو وزير)، فواقع الحال كما يراه الشارع العراقي هو أن تلك المؤسسات أو الدوائر الخدمية أو غيرها، ستظل تعاني من سوء الإدارة و التنظيم وعدم الارتقاء بالمستوى، الذي يطمح إليه المجتمع العراقي اسوة بالدول الأخرى، التي تعتمد قواعد وآليات رصينة وفق مبدأ الشخص المناسب في المكان 

المناسب.