نيويورك: وكالات
تعود نشأة "الهيب هوب" إلى 1973، حين أقدم منسق الأسطونات المتحدر من جامايكا كلايف كامبل، المعروف بـ"دي جاي كول هيرك"، في الطبقة السفلية من إحدى مباني برونكس بنيويورك، على تشغيل قرص موسيقي على آلتين لقراءة الأقراص، ثم عزل تسلسل الإيقاعات وبثّها عبر مكبرات صوت، موفّراً ما يُعرف بالـ"بريك بيت"، الذي يشكل العنصر الأساسي في موسيقى الهيب
هوب
يقول المؤرخ المتخصص في "الهيب هوب" رالف ماكدانيالز "من المذهل الاحتفال بمرور 50 عاماً على نشأة "الهيب هوب"، لأنّ هذا الأسلوب لم يكن له أي قيمة"، مضيفاً "عندما انطلقت هذه الثقافة، لم يكن أحد يرغب في توظيف منسق اسطوانات أو مضيف أحداث أو ممارس للرقص البهلواني "بريك دانس"،
ويضيف الرجل الستيني الذي يحتفظ بعقود من الأرشيف ولقطات ونغمات تمتد لآلاف الساعات يحميها، لنقل ذكرى خاصة بعصر معيّن "إنّ 11 آب/ اغسطس 1973 كان مجرد حفلة عيد ميلاد، لكنّ هذا الاحتفال طبع بداية الهيب هوب".
وللاحتفال بهذه الذكرى، أطلقت نيويورك عدداً من المبادرات الثقافية طوال الصيف، بينها جلسات لرسم الغرافيتي أو لممارسة البريك دانس، إضافة إلى حفلات جماعية وأخرى موسيقية.
وعندما كانت الحياة صعبة ويسودها العنف في نيويورك، التي كان يستشري فيها الفقر والمخدرات والجريمة، كانت "الحفلات الجماعية" الأولى بمثابة متنفس للمراهقين والعائلات الساعية للهروب من "واقع صعب، وخصوصاً من تمييز اجتماعي وعنصري" كان يُمارس في حقها، على ما يشير جيري غيبس الذي نشأ في برونكس
ويقول مغني الراب البالغ 55 سنة، والذي يُطلق على نفسه لقب "دي جي كول غي"،"عندما انطلقت هذه المرحلة كنت طفلاً، لكنني رأيت كيف ساهم ذلك في توحيد المجتمعات، وكيف كان منسقو الاسطوانات يُفرحون السكان ويدفعونهم لنسيان همومهم وإمضاء أمسية
جميلة". ويضيف رالف ماكدانيالز أنّ "عدداً كبيراً من مغنيي "الهيب هوب" البارزين اختبروا تجارب صعبة"، مشيراً إلى أسماء بينها جاي زي و ذا نوتوريوس بي. آي. جي. وناس الذين نشأوا جميعاً في أحياء فقيرة في نيويورك.
ويتابع المؤرخ "كانوا يعرفون الناس والأسر ويفهمونهم، وكانوا يدركون كل ما يدور داخل المصاعد التي تفوح منها رائحة البول، وكل ما كانت تشهده الأحياء يومياً. ثم أخذوا كل ذلك ووضعوه في أسطواناتهم". وفي تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بات جاي زي الذي يتّخذ من شون كوري كارتر اسماً حقيقياً ونشأ في بروكلين، أحد أبرز مغنيي الراب الأميركيين ورجل أعمال مليارديراً مالكاً لشركة "روك نايشن" الترفيهية العملاقة..
وأحاط مغني الراب نفسه بمنتجين من أمثال كانييه ويست، بينما أصبح مغنون آخرون بينهم دي ام اكس وبوستا رايمز وفيفتي سنت وكاردي بي ودرايك ونيكي ميناج نجوماً عالميين أيضاً. لكن رغم هيمنته، لا يزال "الهيب هوب" راسخاً في ثقافة بديلة في الولايات المتحدة ومتجذراً في التجربة المؤلمة للعنصرية وعدم المساواة، على قول الخبراء.
وكل سنة، يُتَّهم القائمون على جوائز غرامي الموسيقية الموازية بأهميتها لجوائز الاوسكار السينمائية، بالتمييز ضد الفنانين الأميركيين من أصل افريقي.
لكن في عصر البث التدفقي، للهيب هوب تأثيرا عالميا، فهذه الثقافة استحالت حركة اجتماعية ولم تكتف بكونها مجرد أسلوب، بينما دخلت مختلف المجالات من الموسيقى إلى الموضة وصولاً إلى
الرقص.