محمد شريف أبو ميسم
كلف أحد الأصدقاء بادارة إحدى مؤسسات الدولة بدعم من جهات نافذة، وحاول قدر الامكان أن يستحضر كل أدوات النجاح في مهمته، مستعينا بأصدقائه طلبا للنصيحة تارة، واحتفاء بشرف حصوله على المنصب تارة أخرى وهو بصدد الاستشارة.
وحين التقيت به، بادرته بالسؤال بحثا عن مبررات تقديم النصيحة بموجب ما يريد تحقيقه من أهداف، فقلت «ماذا تريد؟، هل تريد إرضاء من دعمك للوصول إلى هذا المنصب بهدف إثبات كفاءتك، لكي يدعم قرار تثبيتك بوصفك مديرا ناجحا؟ أم تريد النجاح في مهمتك بصدق من خلال معالجة نقاط الضعف في المؤسسة وتعظيم نقاط القوة فيها، ومحاربة الفساد والبيروقراطية واختزال حلقات الترهل في الاداء، وصولا لبناء مؤسسة ناجحة؟.
فكانت إجابته «أريد هذا وذاك»، فقلت «ابحث عن كل تعريفات علم الادارة بمختلف المدارس، التي تصدت لهذا المفهوم ستجد أن كل التعاريف لا يمكن لها أن تمر في سياقها المفاهيمي، وصولا لأهدافها على أرض الواقع ما لم تمر بشكل مباشر أو غير مباشر على العنصر البشري، بوصفه الخامة الرئيسية في نجاح المؤسسة، بجوار مهارات التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه وصولا إلى أفضل النتائج بأقصر الطرق الانسانية في سياق الأدوات الادارية.
فيا صاحبي عليك بالانسان تأهيلا وتدريبا واحتراما وردا للمظالم، حتى تجعله في سمو، محبا لعمله سعيدا بأدائه، اذ لا تكره العاملين على عمل لا يحبونه، لأن الاكراه يعدم الرضا، ويفضي إلى عدم الارتياح بفساد الاختيار في العمل ومن ثم التململ وعدم الجدية، ولا تخف العاملين ظنا بما يروج له الفاشلون، لأن الخوف يفسد بيئة العمل ويصيبها بالتردي على مستوى الإنجاز في النوعية والسرعة، فضلا عن كونه يشل الإبداع والابتكار، ويصيب الموظف النشيط بالإحباط، ويقتل رغبة السعي نحو تسهيل العمل وتسريع عجلة الانتاج، علاوة على أن نشر الخوف بين العاملين، ليكون بديلا عن اشاعة الثقة، يؤدي إلى مزيد من التردد، ويفضي إلى الرتابة في أفضل الأحوال جراء موت روح المبادرة وروح الابداع، كما أن الموظف المسكون بالخوف لا يمكن أن يعمل بكامل طاقته، اذ يضع لنفسه خطا أحمر يحول بينه وبين تحمل المسؤولية، لأنه يريد أن يكون في مأمن تام من دوافع الخوف.
وأخيرا يا صديقي، لا تضع الجاهل والسفيه وماسح الأكتاف مسؤولا على أولاد الأسر والشرفاء والأعزة من الناس، واعلم أن عزيز النفس هو الأكثر نزاهة من الوصوليين والمتملقين اليك، لأن عزيز النفس لا يضع نفسه في المكان الخاطئ، خشية أن يتعرض لما يسيء إليه في مثل هذه
البيئات.