أربيل: رائد العكيلي
أقيمت على قاعة المؤتمرات في المركز الأكاديمي جلسة احتفاء بالشاعر سامر كحل عضو اتحاد الكتاب العرب في الجمهوريّة العربيّة السوريّة أدارها الدكتور بهنام عطالله وبحضور قنصل دولة فلسطين نظمي حزوري ومجموعة من الأدباء والشعراء والمثقفين.
وتناولت الجلسة المجموعة الشعريّة الموسومة (هزّات ارتداديَّة) الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب - وزارة الثقافة السورية، عام 2023، وركزت على عالم الشاعر الذي ينبغي أن يكون مختلفاً عن عوالم الآخرين، بما يحمله من مشاعر وأحاسيس وهموم وخيال، ورصد كلّ شيء مخفي وساكن، وإظهاره على السطح، لتحريك مشاعر الآخرين. وقد حوّل الشاعر عبر مجموعته تلك الهزات التي تحصل في الأرض إلى هزات داخلية، تصيب داخل الإنسان، من شجون وأحزان وصدمات، تقابله ارتدادات قوية، ربما تغير مسار حياته، وهنا يظهر ذكاء الشاعر في اختيار العنوان، لمجموعة تنتمي إلى ما يسمى الأدب الوجيز في قصيدة النثر، أو قصيدة الومضة التي لا تحتمل الإطالة وتعتمد على عنصري الدهشة والمفاجأة، ومن هنا استعار الشاعر تعبير الهزات الارتداديَّة.
وتحدث الناقد طالب زعيان قائلا: ربط الشاعرعناوين النصوص مع عنوان المجموعة فنجد عنوان النص الأول (زمن خارج الزمن) هو تعبيرٌ عن نتيجة تلك الهزات الارتداديَّة، فنجد الضمير المتكلم (أنا)، وهو من أقوى المعارف في اللغة العربيَّة، وتكرار الضمير من دون أن يخلق حالة الملل لدى القارئ، أما في نص (ليس للتعليق) فقد استخدم الشاعر لفظة (كل) للتعميم (كل غرفة أسكنها)، أي أنّه غير مستقر، متنقل بين الغرف بعيداً عن مسقط رأسه مع الصراخ الذي يدل على الحال والاستقبال، بأن تكون الغرفة صماء، بهذا المجاز الجميل، ليخبرنا أنه لا يريد لأحدٍ أن يسمعه حتى الجدران.
وتابع زعيان: وفي نص يحمل عنوان (لجوء) نجد أن الشاعر لم ينسَ الشعراء من باب الوفاء لهم، تناول الحدث بالفعل الماضي وحسب تسلسل الأحداث كأن الشاعر يخبرنا عن أرواحهم التي تأبى المغادرة والعيش بعيداً عن أوطانهم.
كما وأضاف عبر حديثه: وقد اختار الشاعر حرف الراء الذي لم يكن عفوياً، فقد جعل الراء كالشعرة التي قصمت ضمير الحب بمفارقتها لكلمة الحب والحرب، في كثيرٍ من الأحيان يجعلك الخوف أكثر إصراراً في مواجهة الحياة حتى وأن كان الثمن باهضاً وهذا ما نجده عند الشاعر في بعض النصوص وهو ينفي وقوع شيء مستقبلا بنفي قاطع وهو يواجه الخوف، الصورة الجميلة التي رسمها هنا جعل للقصيدة رأساً وعنقاً وجسداً، تشعر أنها تحولت إلى كائن حي ناطق بحروفه الصامتة، فالقصيدة هنا إنسان وهو شديد الخوف عليها من الموت.
ويرى زعيان أن اختيارعنوان النصوص، ينبغي أن يكون له علاقة وارتباط وثيق مع النص، ولكن الشاعر هنا يضع العنوان، وعلى المتلقي أن يستنتج ما هي العلاقة بين العنوان والنص، من خلال التأمل في مشاركة القارئ نفسه. وأشار إلى أن الشاعر بلغته السهلة والمفهومة وأدواته المتمكنة، وجمالياته اللغويَّة غير المسبوقة، قد تمكن من إيصال ما يصبو إليه، بالرغم من قصر نصوصه، وشدة كثافتها، مستخدماً أساليب اللغة وبلاغتها، بأسلوب شفاف وجميل، بأفكار رائعة وخيال واسع من دون أن يرهق المتلقي في البحث في المعاجم العربيَّة، ومن ذلك نتبين أنَّ الشاعر له اطلاع كبير في اللغة، بما يمتلك من ثروة لغويَّة مليئة بالمفردات، جعل العلاقة وثيقة بين هذا الديوان والمتلقي لما به من سلاسة وسهل ممتنع وخلق جمالي وعمق وتشويق.
من أعمال الشاعر سامر كحل: أطلال الجسد، صُداح - أناشيد للأطفال، ما يُقلق الريح، مائدة الوقت، حين أولد في المرةِ القادمة، وغير ذلك.