لا حَلْوى بلا نار

آراء 2023/08/21
...

   عصام كاظم جري

 قرر المجلس الوزاري للاقتصاد حذف العصائر والمرطبات والكيك بأنواعه والمعجنات من قوائم الاستيراد، جاء ذلك خلال رئاسة نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية للجلسة رقم 23 لسنة 2023 للمجلس الوزاري للاقتصاد، وقرّر المجلس بحسب البيان، إن تتم مراجعة القرار خلال مدة سنة واحدة، من قبل دائرة التطوير والتنظيم الصناعيّ في وزارة الصناعة والمعادن، لتقييم مدى تأثر السوق المحليَّة لهذا الحذف سلباً أو إيجاباً.
قطعا يعدُّ هذا القرار جزءا من الإعلان عن خطة أمنية لبسط نفوذ الحكومة على المنافذ الحدوديّة في المحافظات من جهة، فضلا عن حماية الدولار من التّهريب، فقد سبق وأن قدّرت اللجان الماليَّة في مجلس النواب حجم الفساد المستشري في المنافذ الحدوديَّة بـ (12) مليار دولار سنويَّا، وأكدت اللجان أن بعض المنافذ خاضعة لسلطة الجماعات المسلحة والعشائر والفاسدين، وقد جاء من بعض الأوساط السياسيّة أن الحكومة تفقد زمام سيطرتها على مجموعة من المنافذ الحدوديَّة، وتستغل المجاميع المسلحة منافذ ثانوية غير مرخصة تعمل خارج سيطرة الحكومة الاتحاديَّة، وتعبر من خلال تلك المنافذ السلع والبضائع والأدويَّة والحلويات والمعجنات الفاسدة وبعض السجائر والعصائر بطريقة غير شرعية
ونحن نعلم بأن مجلس النواب قد شكّل في أوقات سابقة لجانًا نيابية عديدة للتحقيق مع كبار المسؤولين في إدارة ملف المنافذ الحدوديَّة، بعدما أشرت تقارير عن سيطرة جماعات مسلحة، وأخرى عشائريَّة على العديد من المنافذ.
ولا ننسى بأن هناك معلومات سابقة تفيد بأن الجهات الرقابيَّة الرسميَّة لا تعلم بحجم الإيرادات الحقيقية للمنافذ الحدوديَّة.
والسؤال إلى متى تبقى هيأة المنافذ تقدم التقارير المفصلة إلى الحكومة والبرلمان وتؤشر إلى وجود حالات فساد ماليّ مستشرٍ في الدوائر العاملة لبعض المنافذ الحدوديّة؟ وبالمجمل يعدُّ قرار الحذف خطوة نحو تصحيح المسار، وإن جاء متأخرا.
إن صناعة الحلويات والمعجنات والعصائر مهنة اشتهر بها العراقيون منذ زمن قديم، وتمثّل مهارة فرديّة وصناعة وطنيّة، وهي جزء من تأريخ وحضارة وأصالة الأمم والشعوب، وتكشف عن جزء من الثقافات للقادمين من البلدان الأخرى والسّياح.
والأمر لا يتعلق بحماية صناعة الحلويات والمعجنات والعصائر المتنوعة من المنتج المستورد فقط، بل هناك عدد من الأشياء التي يجب أن تضعها الحكومة في الميزان، فمن ينوي البدء بعمل صناعة الحلويات والمعجنات والعصائر على سبيل المثال، عليه أن يدفع الضرائب، ويسدد أجور المواد الغذائية الاحتياطيّة وأجور الحرفيين وفواتير الماء والكهرباء والوقود والنفايات وإيجارات الموقع، فضلا عن التنافس في احتياجات المستهلكين والتركيبة البيئية والسكانيّة، وأخيرا فإن الحلويات والمعجنات والعصائر صناعة واسعة.
وهذا القرار يحقق انتعاشا اقتصاديّت للقوى العاملة في هذه الصناعة، مثل الخبازين والمصممين الحرفيين والمحاسبين والموارد البشرية الأخرى والمسوقين وقسم المبيعات... الخ.
وسيتم تشغيل بعض المعدات الخاصة المستخدمة في هذه الصناعات، وسنرى الآثار الايجابيَّة المترتبة على هذا القرار واضحة.
إن كلَّ مؤسسة غذائيَّة صناعيَّة عراقيَّة لها متطلباتها وسياساتها القياسية، لذا يجب إتاحة الفرصة لها، وبما أن صناعة الحلويات والمعجنات والعصائر تنافسية للغاية.