علي حسن الفواز
خيارات الحرب في النيجر ستكون السيناريو الأسوأ في هذا البلد الأفريقي، وعلى نحوٍ يمكن أنْ يجعلها حرباً مفتوحة، أو درساً للآخرين الذين تمردوا على ذاكرة الكولنيالية الفرانكفونية، فتغليب الحرب على الحل السياسي والتفاوضي سيُنذر بتدخلات عسكرية أخرى تُزيد من أزمات المنطقة، وربما تُهدد حياة الرئيس «المُحتجز» محمد بازوم، وتقوّض بنية المؤسسة العسكرية في النيجر، وحتى تعريض ما سُمّي بـ»النظام الدستوري
والديمقراطي» إلى أخطارٍ جمّة.
خيار المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” بالذهاب إلى الحلّ العسكري، ليس بعيداً عن الدوافع السياسية والأمنية، ولا عن الدعم الغربي، لاسيما الفرنسي، إذ تشكّل النيجر مصدراً مهماً من مصادر الحصول على اليورانيوم لدعم الترسانة الفرنسية، وهذا ما يعني توسيعاً لمساحة الصراع، ولفرض سياسة العسكرة، رغم إعلان بعض الدول الأفريقية مثل مالي وبوركينا فاسو بأنها ستقوم بالدفاع عن “النظام العسكري الجديد في النيجر” فضلاً عن إمكانية أن تتدخل جماعة “فاغنر” الروسية في الصراع، وبما يُسهم في تحويل المعركة إلى “حرب عصابات” لا يمكن السيطرة على تداعياتها..
وصول السفيرة الأميركية في النيجر إلى العاصمة “نيامي” وكذلك وصول بعثة “ايكواس” يدخل في سياق “ توجيه إنذار إلى الحكم الجديد” والبحث عن حلول تُعيد النظام السابق إلى السلطة، وهو ما قد يرفضه الضباط الذين يقودون الحكم العسكري، والذين يطالبون بالاعتراف بهم، وأنهم سيدافعون عن سلطتهم، لأن التدخل العسكري يعني وقوع الكارثة، وأن مايجري في الخفاء لا يمنع ما يبدو واضحاً في الظاهر، فخيار “الايكواس” يبدو أنه محسومٌ، وهو ماصرح به ممثل المجموعة، وبالاتجاه الذي يجعل سياسة التطويع هي الرهان على استعادة السلطة، وعلى حماية مؤسساتها، وضبط إيقاع علاقاتها مع فرنسا، والولايات المتحدة، وغيرها من الدول الأوروبية التي تنظر لثروات القارة السمراء بوصفها كنوزاً تحتاج إلى من يحميها.
خيار هذه الحرب ليس خياراً جامعاً، فهناك دول أفريقية ترفضه مثل مالي وغينيا وبوركينا فاسو والرأس الأخضر والجزائر وموريتانيا، التي تجدُّ أن الحلَّ السياسي التفاوضي هو الأكثر جدوى، والأقل ضرراً، ليس لتحجيم التدخلات العسكرية والكوارث الإنسانية فحسب، بل لمنع المزيد من الصراعات والأزمات التي تعصف بالعديد من دول القارة، وتزيد من أعباء شعوبها ومعاناتهم جرّاء إدخالهم في المزيد من دوّامات العنف، فضلاً عن ما يُسهم بتغذية الجماعات الإرهابية التي تنشط في غرب أفريقيا بعناصر تجد في تغوّل هذا الصراع فرصتها لتوسيع
جرائمها ضد المدنيين.