الرقابة المالية: شركات النفط الأجنبية تلوِّث الهواء

العراق 2023/08/21
...

 بغداد: رلى واثق

وجه ديوان الرقابة المالية أصابع الاتهام إلى العمليات الاستخراجية النفطية بالتسبب في زيادة أعداد إصابات السرطان في البصرة وبقية المحافظات، مشيراً إلى أنها أكبر ملوِّثات الهواء التي وضعت العراق عاشراً في قائمة أكثر البلدان تلوثاً في العالم.
وحصلت "الصباح" على أبرز محاور تقرير الديوان عن تقويم الأداء التخصصي لحزيران الماضي، الخاص بأنشطة الوزارات والدوائر والشركات النفطية ومتابعة الحد من التلوث البيئي الناتج عن حرق الغاز والانبعاثات الغازية من عمليات استخراج النفط والغاز في الحقول النفطية الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة البصرة.
وذكر التقرير أن "العمليات الاستخراجية النفطية تطرح في الهواء ملوِّثات بيئية ناجمة عن حرق الغاز المصاحب للوقود الإحفوري المستخرج، إذ أحرقت شركة نفط البصرة والشركات الأجنبية المشغِّلة للحقول في المحافظة مانسبته (54،52،53) في المئة من الغاز المصاحب للسنوات (2019، 2020، 2021)، ما أطلق إلى الهواء مركبات كيمياوية خطرة بتراكيز عالية لها صلة بزيادة الإصابات السرطانية، لاسيما في مركز المحافظة التي تتصدر أعداد الإصابات بنسبة 76.3 شخص لكل 100 ألف في العام 2020"، مبيناً أن المناطق الأعلى أيضاً هي "قضاء الزبير ثم القرنة، وفقاً لآخر دراسة بحثية منشورة في عام 2021 أجرتها جامعة ميسان عن (تأثير ملوِّثات الهواء بالهايدروكاربونات ماعدا الميثان) على زيادة أعداد المصابين بالأمراض السرطانية، لاسيما سرطان الرئة والمثانة".
وأشر التقرير إلى "ارتفاع تراكيز الهايدروكاربونات غير الميثانية الوثيقة الصلة بالأمراض السرطانية في جميع نقاط الرصد بحقول نفط البصرة بشكل يتجاوز الحدود المسموح بها وفق المحدد الوطني البالغ (0.24PPM  لكل 3 ساعة)، إذ وصلت في حقل الرميلة الجنوبي إلى (2.058 PPM لكل3 ساعة)، فضلاً عن توقُّف جميع محطات مراقبة نوعية الهواء وأجهزة قياس ملوِّثات الهواء الحقلية التابعة لمديرية بيئة البصرة والبالغة 17 محطة منذ العام 2019 و7 أجهزة أخرى منذ العام 2013، ما أثر سلباً في تشخيص الواقع البيئي وتحديد تراكيز
الملوثات".
وتابع التقرير أن "التدقيق الميداني أثبت تجاوز عدد من المنازل على محرَّمات بعض الحقول، كحقل نهران بن عمر الذي يعمل منذ العام 1975 نتيجة للتوسع السكاني في المناطق المحيطة والتابعة للحقل ومن دون معالجات حقيقية"، لافتاً إلى "عدم التزام شركة نفط البصرة والشركات الأجنبية المشغِّلة للحقول النفطية بتطبيق المحددات الخاصة بقانون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لسنة 2009 ونظام الإدارة البيئية لخفض التلوث، الملزمة للجهات التي ينتج عن نشاطها تلوث بيئي بتوفير واستخدام وسائل ومنظومات مراقبة ومعالجة التلوث بأحدث التقنيات للحد من الانبعاثات الغازية الملوثة للهواء، إذ لا توجد وحدات معالجة متكاملة لتقليل الانبعاثات الناجمة عن حرق الغاز المصاحب"، مشيراً إلى أنه "في الوقت الذي يمكن فيه استثمار الغاز في انتاج الكهرباء أو كغاز مسال أو في الصناعات البيتروكيمياوية، كما الحال في حقلي الجهد الوطني (نهران بن عمر والطوبة) النفطيين، حيث يستثمران ما نسبته (80 و 70) في المئة من الغاز المصاحب وتصديره إلى شركة غاز البصرة ".
وأوصى التقرير "بإحالة التلوث البيئي إلى مجلس الوزراء لعدم التزام شركة نفط البصرة والشركات الأجنبية المشغِّلة بأحكام المادتين (9 و21) من قانون حماية وتحسين البيئة، للعمل على استثمار الغاز المصاحب لوقف حرقه والاستفادة من مردوده الاقتصادي وتقليل التلوث الناتج عنه، وإلزام شركة نفط البصرة والشركات الأجنبية المشغِّلة للحقول وحسب بنود عقد الخدمة النفطية، بتجهيز جميع محطات الحقول بمشاعل وعازلات وقانصات حديثة وكفوءة، مع إلزام المشغِّل الأجنبي بتوفير المعالجات المقلِّلة للتلوث واستخدام منظومات القشط على وفق بنود عقد الخدمة".
التقرير أكد "وقوع العراق ضمن الدول العشر الأكثر تلوثاً للهواء، نتيجة لانبعاث الملوثات الغازية الناجمة عن عمل الحقول النفطية، وما ينتج عنها من آثار سلبية على صحة المجتمع، إذ سجلت تقارير مجلس السرطان العراقي ارتفاعاً مستمراً بنسب الإصابات بالأمراض السرطانية سنوياً، إذ ارتفعت من 73.3 إصابة في سنة 2015 إلى 81.34 إصابة في سنة 2019 ولكل مئة ألف نسمة".
مدير بيئة البصرة كريم عبد رخيص، قال لـ"الصباح": إن هناك فجوة كبيرة ببنود عقود شركة نفط البصرة وشركات التراخيص الأجنبية وبين ما يحدث في الواقع"، موضحاً أن "المشاعل التي تزيد عن 600 مشعل تحيط بالبصرة من العلامات الفارقة لهذه المحافظة المظلومة".

تحرير: علي عبد الخالق