السينما العراقيَّة.. بداية صحيحة ونهاية عرجاء

الصفحة الاخيرة 2023/08/23
...

زيد الحلي

ظلت السينما العراقية، حلماً جميلاً يداعب مخيلة العراقيين، لا سيما الشباب، وهذا الحلم زاد عمره على سبعة عقود ونيف، لكنه لا يزال يبحث عن منفذ للتحقيق دون أن يجده، باستثناء بعض الأفلام التي شكلت بعض المحاولات التي لا يعول عليها، ولا يمكن القول إنها "سينما عراقية " لها لون محدد، وطابع محدد.
وإذا كانت مصر قد أنتجت أول فيلم سينمائي وهو (ليلى) عام 1927، فإن العراق باشر سنة 1946 بإنتاج أول فيلم عراقي بعنوان (ابن الشرق) أخرجه المصري إبراهيم حلمي، والفارق بين مصر والعراق في التاريخ السينمائي لا يتعدى العشرين سنة، لكن حين نرى الخط البياني في الإبداع السينمائي بين البلدين، نجد أن العراق صفر.
المتصفح لصفحات تاريخ السينما العراقية، يصاب بالصدمة فعلاً، ففي العراق تأسس استوديو كامل الأهلية في الإنتاج السينمائي باسم  شركة "استوديو بغداد"، كان مكانها في الشارع العام الذي يخرج من الكرادة ويتوجه إلى معسكر الرشيد، وشيد الاستوديو وفقاً للمواصفات الحديثة في حينها، مساحة ومعدات ومعمل نجارة لعمل الديكورات، وصالة خياطة للأزياء ومثلها للمكياج، وقاعة لتسجيل الصوت، و"بلاتوه" تقام فيه الديكورات لتصوير المناظر الداخلية، وحدائق ومطعم للعاملين.. الخ، كانت نسخة من استوديو "ناصبيان" الشهير في مصر.  
وكان أول فيلم أنتجته الشركة الوليدة، هو فيلم "عليا وعصام" سنة 1948 وقد نجح جماهيرياً، لكن إنتاجها  الثاني كان فيلم "ليلى في العراق" سنة 1949 الذي فشل بشكل مريع وسبب انتكاسة مؤلمة لهذا الاستوديو وأصحابه، وأعلن رسمياً عن اغلاقه سنة 1953،  وبذلك وئدت أحلام عشاق السينما، ثم سار الإنتاج السينمائي العراقي، أعرج وما زال مع الأسف، مع التأكيد أن السينما أداة من أدوات الثقافة والمعرفة، ووسيلة من الوسائل التعليمية الفعَّالة التي تهدف إلى الارتقاء بالمجتمع، وتلعب دوراً بارزاً في تشكيل قيمه.
الذي دعاني إلى هذا الاستذكار، هو مشاهدتي لحوار تلفازي مهم، أجراه د. عبد الحميد الصائح، مع مخرج وسيناريست الأفلام الوثائقية الفنان رعد مشتت الأسبوع الفائت، وفيه استعرضا ما آل اليه واقع السينما عندنا، وهو واقع مؤلم مؤلم،  و ياليتني ما شاهدت.