تجارب غادة حرب وأمين بودشار وعلاء مجيد

ثقافة 2023/08/23
...

 باسم عبد الحميد حمودي

ما الهدف من تطويع الغناء الانفرادي ليكون تشاركيا؟ هل هي الرغبة في الأبهار أم هي استجابة لما يتوق اليه (السميعة)... أولئك الذين يحبون المشاركة في الأداء و(يحاولون ) التعبير عن قدراتهم؟
 الإنسان عرف الغناء وتذوق الصوت الحسن المرافق للموسيقى الجميلة، وقد اعتاد مرتادو الحفل الغنائي أن يستمعوا شرقا وغربا مستمتعين بالأداء، لكننا اليوم أزاء تجارب جديدة في العمل الأدائي الغنائي. أبرز هذه التجارب، التي جعلت من الاغنية الجميلة ملكا مشاعا ينقسم بين الكورال الضخم، الذي دربته خبرات ممتازة مثل خبرتي غادة حرب وعلاء مجيد، وتجربة التونسي أمين بودشار، الذي قدم تجربة جديدة في الأداء الكورالي الجماعي.
واذا كانت تجارب أغاني الصالات التي تقدمها فرقة رحمة بن عفانة النسائية، التي لاتعدو أن تكون إلا نوعا من (القبول) المجلس النسائي الفني، فإن تجربة الدكتور علاء مجيد تستحق الاشادة. بدأ علاء مجيد بتدريب قدرات فنية متفاوتة من الهاويات المغتربات خلال فرقة (طيور  دجلة)، إضافة إلى تدريب موسيقيين هواة لتكون الفرقة قادرة على النجاح المؤثر، وهي تقدم الأغاني العراقية بشكلٍ كورالي وانفرادي.. وكرر الماسترو مجيد تجربته في بغداد بنجاح واضح. في الوقت ذاته اتخذت المايسترو السورية السيدة غادة حرب، وهي مغنية أوبرالية واستاذة موسيقى متمكنة، من ظاهرة تحشيد المئات من المؤدين، من طلبة المعاهد الموسيقية السورية، ومن الهواة المحبين.. وسيلة فنية مهمة لتقديم الاغاني الشعبية في الشام ولبنان والعراق على نحو كورالي واسع.. حيث يقوم هذا الكورال الكبير بتقديم مجموعة من الأغاني الشعبية، وينتقل بالجمهور من لحن إلى آخر بمتوالية موسيقية فريدة تبهج الجمهور الحاضر الذي يشارك في الاداء .. على البعد ومن دون إلزام.. وبقدر كبير من النجاح.
 المايسترو المغربي أمين بودشار قدم تجربة لافتة أخرى عمادها، إلغاء دور المطرب الانفرادي والكورال المقنن- السابق التدريب والتجربة- والاعتماد على الجمهور الحاضر (وهو جمهور وفير ومتعدد الأعمار والأذواق)، لأن يكون هو المؤدي... هو المطرب الجماعي،  وهو الكورال المتكامل الذي يقدم الأغنية التي تعزف موسيقاها فرقة أمين بودشار وبإشرافه وحضوره الذي يوجه الفرقة الموسيقية والجمهور المغني.
الى أين يريد امين بودشار السير بالاغنية؟ لقد انتزعها من الصوت الفردي، ووضعها حية بيد  الجمهور، الذي غنّاها مباشرة، من دون الاعتماد على الكورال. كل هذه التجارب الأدائية الرائعة تؤكد أن الأغنية، التي تدخل القلب لا تنسى، وأن هناك دوما فسحة للجمهور المتذوق، لأن يدخل مع المايسترو الحاذق في تجارب أداء جديدة.