فتحت زيارة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الى ألمانيا وفرنسا، بوصفهما الدولتين الأبرز اقتصادياً في الاتحاد الأوروبي، الأبواب لصفحة تعاون متعدد الجوانب بين بغداد وبرلين وباريس.
وعدَّ خبراءٌ، هذه الجولة تتويجاً للمساعي التي بذلتها الحكومة على مدى الأشهر الماضية، ونصراً دبلوماسياً واقتصادياً جديداً، خاصة أنَّ الزيارة شهدت توقيع اتفاقيتين مهمتين.
خارطة تطويريَّة
ويؤكد الخبير المالي ثامر العزاوي أنَّ “توقيع عقد خارطة تطوير قطاع الكهرباء مع شركة سيمنس له فوائد وإيجابيات تتعدى مسألة توفير الطاقة”.
وقال العزاوي لـ”الصباح”: إنَّ “توقيع هذه الاتفاقية يعدُّ إيذاناً لدخول كبريات الشركات الألمانية في السوق العراقيَّة”، مبيناً أنَّ “ملايين الدولارات ستُضخُّ في سوق العمل”.
وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد حضرا توقيع الاتفاقية، إذ أشار عبد المهدي الى أنَّ الجميع سعداءٌ بتوقيع عقد خارطة تطوير قطاع الكهرباء الموقع مع شركة سيمنس، والشعب العراقي يعرف القدرات التكنولوجية والاقتصادية لألمانيا، مبينا أنَّ هذا العقد هو مقدمة لمشاريع تنمويَّة كبرى بين البلدين.
منظومة الكهرباء
ويمثل هذا الاتفاق بداية لعلاقة ستراتيجيَّة بين العراق وألمانيا، تبدأ بملف الطاقة والشؤون الاقتصاديَّة، إذ ستضع هذه الخارطة مفهوماً شاملاً لقطاع الطاقة الكهربائية في العراق (الإنتاج، والنقل، والتوزيع)، والتي ستكون مدة تنفيذها أربعة أعوام، بقيمة 14 ملياراً و650 مليون يورو، ستضيف الى منظومة الكهرباء الوطنية طاقات إنتاجيَّة تصل الى 11 ألف ميكاواط، فضلاً عن تجهيز العديد من المحطات التحويليَّة (400، و132) ك.ف، وخطوط نقل طاقة كهربائيَّة، حسب احتياج وزارة الكهرباء، الى جانب إضافة وتنفيذ مشروع شبكة توزيع الطاقة الذكية، في مناطق منتخبة، كأساس لتطوير الشبكات في جميع محافظات البلاد، ونص الاتفاق على استمرار المفاوضات بشأن المشاريع المحددة في هذه الخارطة من أجل تحسين شروط الاتفاق، من ضمنها الأسعار للوصول الى الأفضل، من دون أنْ تصطدم هذه المشاريع بأعمال الشركات الرصينة الأخرى أو تحد من فرصها في الاستثمار في مجال الطاقة في العراق.
استقطاب الاستثمارات
ويرى العزاوي أنَّ “جذب الشركات الأوروبيَّة الأخرى سيتم أيضاً بعد بدء استثمار الشركات الألمانيَّة، إذ ستراقب أغلب الشركات العالمية الكبرى وغيرها، أهمية الاستثمار في العراق الذي يعدُّ - وفق جميع المعايير العالميَّة - أرضاً خصبة للاستثمار وتوظيف الأموال، لا سيما بعد الاستقرار الأمني وتحسُّن العلاقات مع جميع دول الجوار”.
يشار الى أنَّ وزير الخارجية محمد علي الحكيم قد أعلن أنَّ جو كازير الرئيس والمدير التنفيذي لشركة سيمنس الألمانية صرح بأنَّ كل يورو من الأرباح في خارطة الطريق مع الشركة سوف تستثمر في العراق، عاداً هذا الخبر مهماً ومفرحاً.
اتفاقات إيجابيَّة
العزاوي أكد أيضاً “أهمية نتائج زيارة رئيس الوزراء الى باريس”، مبيناً أنَّ فرنسا دولة كبرى ولديها نفوذٌ دوليٌ مهمٌ وشركاتها تعمل في أغلب دول العالم، وأي اتفاق معها يعدُّ (إيجابياً) وسيضيف للعراق
الكثير”.
ووقع وزير الخارجيّة محمد علي الحكيم ونظيره الفرنسيّ جان إيف لودريان، على وثيقة تعاون ستراتيجيّ مُتعدِّد المجالات.
وتهدف هذه الوثيقة، بحسب بيان للخارجية العراقية تلقت “الصباح” نسخة منه، إلى إنفاذ المحاور الرئيسة للتعاون الثنائيِّ على مُستوى المُشاوَرات السياسيّة، وتعزيز عملـيَّات التبادل الدبلوماسيّ، وتطوير التعاون المُؤسَّساتيّ في مجال الحوكمة، والتعاون العسكريِّ، والأمنيِّ، وتطوير البرامج التدريبيّة المُتخصِّصة، والمُلائِمة في مجال مكافحة الإرهاب، والمُساهَمة في تنمية القدرات العراقـيَّة، وإقامة شراكات اقتصاديَّة، وتبادلات تجاريَّة، مّا يُؤكّد عزم الجانبين على دفع علاقات التعاون في جميع المجالات، لترتقي إلى مُستوى طموح البلدين.
وأعرب الحكيم عن رغبة بغداد في تنشيط التعاون مع فرنسا، وتأكيد الالتزام المُشترَك بين البلدين.