علي حسن الفواز
كشفت وقائع الأزمات التي يعيشها الغرب، عن مشكلات خطيرة، قد تُهدد الأمن المجتمعي لدوله، مثلما تعكس علاقة تلك الأزمات بالصراعات الكبرى في العالم، بما فيها الحروب الأهلية في أفريقيا، والأزمات الاقتصادية في الشرق الأوسط، فضلاً عن تأثيرات الحرب الأوكرانية الروسية، وهو ما يتبدّى من خلال توسّع تلك الصراعات، وارتفاع نسب التضخّم، وزيادة نسب البطالة، والذي يعني وضع سياسات تلك الدول أمام ضغوط إضافية من الصعب مواجهة تداعياتها.
أزمات اللاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء قد تكون هي الظاهرة الأبرز، لأنها تعكس مدى خطورة مايحدث جرّاء تلك الصراعات، لاسيما بعد تجاوز أرقامها ماهو قياسي كما تُفيد وكالات الأنباء، فضلاً عن تسترها على مظاهر الهجرات السرية، والتي تقف وراءها مافيات كبيرة، ترتبط بجهات ومؤسسات لها سجلات “مسكوت عنها” في مجالات خروق حقوق الإنسان وتجارة البشر في الغرب والشرق..
الاحصائيات التي تُشير إليها تلك الوكالات تكشف عن الظاهر في تلك الأزمات، لكن المخفي منها هو الصعب والمُثير للجدل، والذي تحوّل إلى ضاغط كبير على صياغة الكثير من القرارات التي تخصّ ملفات الهجرة واللجوء، مثلما تخصّ الالتزام بمؤشرات الأمم المتحدة ومنظماتها حول خروقات حقوق الإنسان، لاسيما بعد أن تحولت “هجرات قوارب البحر” إلى نوع من التراجيديا، ليس بسبب نتائجها الكارثية فحسب، بل بطبيعة ما تعكسه من أزمات “وطنية” تعاني منها كثير من الدول التي تواجه أزمات التصحّر والجفاف والفقر، وعن أزمات الصراع السياسي والحروب الداخلية، والتي لم تستطع الأمم المتحدة، ولا حتى دول الغرب أن تجد لها معالجات ناجعة وفاعلة وعلى وفق استحقاقات القانون الدولي..
ارتفاع نسب طلبات اللجوء تضع الغرب أمام مفارقات تكشف عن “محنة الديمقراطية والحقوق” وعن قدرة الدول التي تدعّي تلك الديمقراطية من معالجة ملفاتها، ومن ايجاد سياسة “توطينية” تكفل استيعاب أكبر عدد من اللاجئين أو المهاجرين إليها، وبما يساعد على التخفيف من معاناتهم، فضلاً عن تجاوز عقد
“العزل العنصري” والثقافي والهوياتي التي كثيراً ما ارتبطت بسياسات الغرب، وفي النظر إلى قضايا الهجرة واللجوء، وهو مابدا واضحاً بعد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتحوّل الهجرة إلى دول أوروبا إلى ظاهرة تحظى باهتمام دول الغرب، على مستوى التسهيلات التي تُقدّم للاجئين، وعلى مستوى استيعابهم ودمجهم، وهو ما يناقض النظر إلى طالبي اللجوء من دول أفريقية وشرق متوسطية، حيث يعانون من إجراءات الرفض والعزل والبيروقراطية، فضلاً عما يعانونه من ظروف إنسانية وصحية صعبة ومعقدة.