أين العراق من بريكس؟

آراء 2023/09/09
...







 علي الخفاجي

العولمة وتداعياتها أصبحت اليوم وبفعل التطور الشامل تتسارع وبشكلٍ جنوني، محدثةً طفرات كبيرة على مختلف المستويات، فالتطور أدى إلى تصارعات، وتقاطعاتٍ كبيرة بين الدول، لا سيما العظمى منها، ومنذ أمدٌ بعيد والولايات المتحدة الامريكية تعتبر صاحبة الريادة على مختلف الصعد السياسية منها والاقتصادية والتكنلوجية، إلى أن أعلنت روسيا تمردها ورفضها لهذه الهيمنة، وبدأت بوادر الرفض مابعد الحرب العالمية الأولى وبالتحديد بعد ثورة عام 1917، حيث رفضت الولايات المتحدة الامريكية الاعتراف بحكومة البلاشفة، التي استولت على السلطة، ونتيجة لهذا الرفض قامت الولايات المتحدة وبمساعدة بريطانيا وفرنسا واليابان في عام 1918 بالتدخل العسكري في روسيا، ومنذ ذلك الحين أمست العلاقات الروسية ـ الامريكية بتقاطع مستمر، واستمر الحال على ما هو عليه إلى أن قامت روسيا بالإعلان على أنها قوة عظمى، محاولة منها لجر البساط من الولايات المتحدة الامريكية، مستخدمة كل الوسائل المتاحة.
استمرت روسيا وبنفسٍ طويل بالسعي لتحسين علاقاتها مع دول الشرق الأوسط، وبالتحديد الدول الاشتراكية، كالصين وبدأت بالعزف على هذا الوتر على اعتبار أن كلا الدولتين يجمعهما هدف واحد، هو الوقوف بالضد من الإمبريالية العالمية، ووفقاً لهذا حسنت علاقاتها مع الهند أثناء الحرب الباردة، وشهدت تطوراً بالعلاقات بين الاتحاد السوفيتي والهند على مختلفِ الأصعدة الاقتصادية منها والعسكرية والصناعية، بالاضافة لكونها تتمتع بأكبر كثافة سكانية في منطقة الشرق، ووفقاً للمبادئ والعلاقات المشتركة سعت روسيا وبجهدٍ جهيد إلى توطيد العلاقات مع كوبا والبرازيل، ومن ثم ايران ومع جميع الدول التي تتقاطع مع سياسة أمريكا، وبعد الجهد المضني والسعي الدؤوب استطاعت روسيا وبالتحديد عام 2009 إلى تأسيس منظمة عرفت بمنظمة (بريكس) تسعى هذه المنظمة للتحول إلى منظمة اقتصادية عالمية على غرار دول مجموعة السبع الاقتصادية، حيث تهدف منظمة (بريكس) إلى ضم الدول ذات الاقتصادات الصاعدة، وشملت هذه المنظمة كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وبعدها وبالتحديد عام 2011 اعلنت دولة جنوب افريقيا انضمامها إلى منظمة بريكس BRICS، وهو مختصر لأسماء الدول المؤسسة، ومن أهداف المنظمة ايضاً ايجاد نظام اقتصادي موازِ للنظام، الذي تقودهُ الولايات المتحدة الامريكية وتحويل مركز الثقل الاقتصادي من الشمال العالمي إلى الجنوب
العالمي.
من خلال تجارب الدول ومن خلال سعيها لجلب كل ماهو به فائدة إلى بلدانها، علينا أن نتعلم فالسياسة والاقتصاد أصبحا يسيران بخط بياني واحد، أحدهما يعمل على المصالح المشتركة بين البلدان والآخر يعمق تلك العلاقات والمصالح من خلال تنويع مصادر السوق، ووفقاً لمبادئ السياسة العامة والمعمول بها حالياً من الدول المتقدمة بأنه لا عداء يدوم ولا صديق يدوم، بل المصالح المشتركة هي الأبقى والتي تدوم، وعلى هذا الأساس نعلم جميعاً الاختلاف الكبير بين الهند والنيبال على موضوع الحدود المشتركة بين البلدين، ورغم ذلك قامت الهند ومن معها من الدول المؤسسة لمنظمة (بريكس)، قامت بدعوة النيبال للانضمام اليها وتناست الخلاف القائم بينهما لغرض تغليب المصلحة المشتركة، وكذا الحال بالنسبة للعلاقات المتذبذبة بين البرازيل والأرجنتين، وعلى الرغم من ذلك قامت الأخيرة بتقديم طلب للانضمام إلى بريكس، ومن بعدها توالت الطلبات من الدول لغرض الإنضمام وكان آخرها طلب كل من مصر والامارات والسعودية وافغانستان والجزائر والمكسيك وتايلند واورغواي وغيرها الكثير من الدول والتي حسب التقارير، التي أعلنتها المنظمة إن هنالك اكثر من 25 دولة تريد الانضمام لبريكس.
يعلم جميعنا أن نظرة العالم تتجهُ نحو العراق لما لهُ من موقع جغرافي مميز وبيئة خصبة للاستثمار، وبالتالي متوقع له أن يكون من طليعة الدول الاقتصادية، والسؤال الذي يطرح نفسه أين العراق من هذه المنظمة، والذي نتمنى من جميع الجهات ذات العلاقة أنها قد اطلعت على أهداف هذه المنظمة، والتي وحسب ما مخطط لها ووفق الاهداف التي اعلنتها بأنها ستضم 43% من اقتصادات العالم بحلول عام 2050، وكما على الحكومة ألا تقف موقف المتفرج لما ستؤول اليها الأحوال وأن لاتحصر نفسها وتميل إلى الهيمنة الحالية، وأن تفتح باب الحوار مع هذه المنظمة أو تلك للنهوض بالإقتصاد سريعاً، وأن تجعل نصب أعينها الدول، التي سعت لانفتاح اقتصادها خدمة لمصالحها بعيداً عن الهيمنة الأحادية.