العالم يتعاطف مع ضحايا زلزال المغرب
الرباط: وكالات
أبدت دول العالم تعاطفها مع ضحايا الزلزال العنيف الذي ضرب المغرب ليل أمس الأول الجمعة، وخلّف مئات الضحايا وتسبب بأضرار كبيرة في مراكش والمناطق المحيطة بها، واستنفر الزلزال القوات المسلحة الملكية التي هرعت تجاه أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت المتضررة.
وذكرت جريدة “هسبريس” المحلية، أن عدداً كبيرا من آليات القوات المسلحة الملكية توجهت صباح أمس السبت من الدار البيضاء إلى مراكش، للمساعدة في عملية البحث عن الضحايا وإنقاذ المواطنين الذين ما زالوا تحت الأنقاض.
وذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني - ومقره الرباط - أن قوة الزلزال بلغت 7 درجات على مقياس “ريختر”، وبين قسم المعهد الوطني للجيوفيزياء المغربي أن الزلزال - الذي ضرب جنوب غرب مراكش - هو الأعنف منذ قرن، وبيّن أن الزلزال وقع حوالي الساعة الـ 11 مساء الجمعة (الساعة الـ 22 بتوقيت غرينتش) وكان مركزه في إقليم الحوز جنوب غرب مراكش، على عمق 8 كيلومترات.
بدورها، ذكرت وكالة الأنباء المغربية أن السلطات الصحية تناشد المواطنين التبرع بالدم لإنقاذ مصابي الزلزال، بينما شرعت السلطات في عمليات بحث وإنقاذ للعالقين تحت الأنقاض.
وأعلن المركز الجهوي للتبرع بالدم في مراكش عن تعبئة كافة الموارد البشرية واللوجستية لاستقبال المتبرعين في أفضل الظروف الممكنة لتقديم المساعدة لضحايا الزلزال، وفي تعليقها على الموضوع، أكدت المديرة المحلية للتبرع بالدم بمنطقة الدار البيضاء، آمال دريد، على أهمية التبرع بالدم، لا سيما خلال الكوارث، وأبرزت المتحدثة أن “جهة مثل الدار البيضاء الكبرى تستنفد ما يربو على 600 كيس دم في اليوم، مقابل أقل من 200 متبرع يوميا، وهو ما يُبرز بوضوح قلة التبرعات، وعدم انتظامها”.
حصيلة أولية
ووفق الحصيلة التي أعلنتها وزارة الداخلية المغربية، فقد بلغ عدد القتلى من جراء الزلزال (حتى ساعة إعداد هذا التقرير ظهر أمس السبت) 822 حالة وفاة مقابل 472 إصابة من بينها 51 إصابة خطيرة.
وأفادت وزارة الداخلية، في بيان، بأنه تم تسجيل 290 حالة وفاة بإقليم الحوز، و190 بإقليم تارودانت، و89 بإقليم شيشاوة، و30 بإقليم ورزازات، و13 بعمالة مراكش، و11 بإقليم أزيلال، و5 بعمالة أكادير، و3 بالدار البيضاء الكبرى، وحالة وفاة واحدة بإقليم اليوسفية.
مشاهد وسكان
ووفق القراءات والتحليلات فإن هذا الزلزال مختلف عن غيره، إذ إن الزلازل التي وقعت السنوات الماضية كانت لا تزيد قوتها على 3 أو 4 درجات، ويكون مركزها عادة في عمق البحر ولا يشعر بها سوى سكان المناطق الساحلية، وقد أظهرت مقاطع مصورة بثت على منصة التواصل الاجتماعي “إكس” أشخاصا يهرولون في الشوارع، وأبنية تهتز.
وفي مراكش أقرب المدن الكبرى لمركز الزلزال، انهارت بعض المنازل بالمدينة القديمة المزدحمة، ويعمل الناس جاهدين لرفع الأنقاض بينما ينتظرون وصول المعدات الثقيلة، حسبما ذكر أحد السكان.
وأظهرت لقطات لسور المدينة - الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى - شقوقاً كبيرة في أحد أقسامه، وسقوط أجزاء منه وتناثر الأنقاض في الشارع، وقال سكان بمراكش إن بعض المباني انهارت في المدينة القديمة المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وعرض التلفزيون المحلي صوراً لسقوط مئذنة مسجد وتناثر الأنقاض على سيارات مهشمة.
وقال منتصر إتري (أحد سكان قرية أسنى الجبلية القريبة من مركز الزلزال) إن معظم المنازل هناك تضررت، وأضاف: “جيراننا تحت الأنقاض، ويعمل الأهالي جاهدين على إنقاذهم باستخدام الوسائل المتاحة في القرية”.
إلى ذلك، أعلن المركز الألماني لأبحاث علوم الأرض (GFZ) أن زلزالاً جديداً بقوة 5.3 درجات هز المغرب فجر أمس السبت، وحدثت الهزة الثانية بفارق 19 دقيقة عن الزلزال الأول الذي ضرب مراكش بقوة 7 درجات على مقياس “ريختر”، وذكر المركز أن الزلزال وقع على عمق 4 كم بإقليم الحوز وهو أحد الأقاليم المغربية ويتبع جهة مراكش آسفي.
من جانبها، قالت منظمة الصحة العالمية في بيان عاجل، أن زلزال المغرب أضر بأكثر من 300 ألف شخص في مراكش والمناطق المحيطة بها.
الهيئة الأميركية
بدورها، قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن مركز الزلزال الذي ضرب المغرب، ليل الجمعة على السبت، يقع بالقرب من بلدة إغيل في ولاية الحوز، على بعد نحو 70 كيلومترا (43.5 ميلا) جنوب مراكش.
وأضافت الهيئة أن قوة الزلزال بلغت 6.8 درجة عندما وقع الساعة 11:11 مساء بالتوقيت المحلي (22:11 بتوقيت غرينتش)، مع هزة استمرت عدة ثوان.
ولفتت إلى أن مركز الزلزال كان على عمق 18 كيلومتراً (11 ميلا) تحت سطح الأرض، في حين حددت وكالة الزلازل المغربية مركزه على عمق 8 كيلومترات (5 أميال)، وفي كلتا الحالتين، فإن مثل هذه الزلازل السطحية أكثر خطورة.
وأكملت الهيئة: “الزلازل بهذا الحجم في المنطقة غير شائعة ولكنها ليست غير متوقعة والعديد من المساكن في منطقة زلزال المغرب معرضة للاهتزاز”، وأضافت أنه “من المعروف أن الزلازل الكبيرة في جميع أنحاء منطقة البحر المتوسط تنتج تسونامي كبيرة ومدمرة، وأحد الزلازل التاريخية الأكثر بروزا داخل المنطقة هو زلزال لشبونة في 1 تشرين الثاني 1755، الذي قدر حجمه من البيانات غير الآلية بنحو 8.0”.
وتابعت: “يعتقد أن زلزال لشبونة عام 1755 قد وقع داخل أو بالقرب من صدع تحويل جزر الأزور وجبل طارق، الذي يحدد الحدود بين الصفائح الأفريقية والأوراسية قبالة الساحل الغربي للمغرب والبرتغال”.
وأفادت الهيئة الأميركية بـ “احتمال حدوث أضرار كبيرة ومن المحتمل أن تكون الكارثة واسعة النطاق”، مشيرة إلى أن العديد من الأشخاص في المنطقة يقيمون في مبان “مهددة بشدة خلال الاهتزازات الزلزالية”.
ووفق الهيئة، فإن زلزال المغرب، كان غير متوقع وغير شائع في تلك المنطقة التي لم تشهد مثله منذ عام 1900، وذكرت أن المغرب سجل في تاريخه تسعة زلازل بقوة M5.
من جانبه، قال ناصر جابور المسؤول بالمعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب، إن الهزات الارتدادية التي أعقبت أو ستعقب الزلزال الذي ضرب المغرب ليل الجمعة، أقل قوة وقد لا يشعر بها السكان.
وأوضح، أن الزلزال الذي بلغت قوته 7 درجات على مقياس ريختر وحدد مركزه 80 كيلومترا جنوب غربي مدينة مراكش، شعر به سكان العديد من المدن المغربية في محيط بلغ 400 كيلومتر، وأضاف أن “الهزة الرئيسية تلتها مئات من الهزات الارتدادية بلغت أقواها حول 6 درجات”، مشيراً إلى أن “الهزات الارتدادية عموما تكون أقل قوة من الهزة الرئيسية”.
من جانبه، قال رئيس قسم الرصد والإنذار الزلزالي بالمعهد الوطني للجيوفيزياء لحسن مهني إن الزلزال هو أقوى زلزال تم تسجيله في المنطقة الجبلية على الإطلاق.
تضامن عربي ودولي
وقدمت دول عربية وغربية تعازيها إلى المغرب في ضحايا الزلزال، بينما أعرب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن استعدادهما لتقديم الدعم.
وقدم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تعازيه بضحايا الزلزال وأعرب عن تضامن العراق مع الأشقاء في المغرب، كما قدم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تعازيه في ضحايا الزلزال الذي ضرب عدة أقاليم ومدن مغربية، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين، وأعربت السعودية - في بيان صادر عن الخارجية - عن مواساتها لحكومة وشعب المملكة المغربية جراء الزلزال الذي ضرب المغرب، مؤكدة وقوفها وتضامنها إلى جانب المغرب.
كما قدم رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تعازيه إلى المغرب - عبر منصة “إكس” - معربا عن تضامن بلاده مع الرباط “في هذه الأوقات الصعبة” ووجه بتسيير جسر جوي لنقل مساعدات إغاثية عاجلة إلى المتضررين من الزلزال.
وبعث سلطان عُمان هيثم بن طارق برقية تعزية لملك المغرب أعرب فيها عن خالص التعازي لشعب المغرب وأسر الضحايا، كما أعربت مصر عن خالص تعازيها للمغرب في ضحايا الزلزال، مؤكدة - في بيان للخارجية - تضامنها الكامل مع المملكة حكومةً وشعباً في مواجهة الآثار المدمرة لهذا الحادث المروع، من جهتها، قدمت الخارجية الأردنية تعازيها إلى المغرب، معلنةً تضامنها مع الرباط في مصابها الأليم.
وقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعازيه للشعب المغربي في ضحايا الزلزال، مؤكدا أن أنقرة تقف إلى جانب المملكة المغربية بكل الوسائل الممكنة، وأبدى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تعاطفه مع ضحايا زلزال المغرب قائلاً: “حزين جداً لفقدان أرواح نتيجة الزلزال في المغرب”.
وبعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برقية تعزية لملك المغرب محمد السادس في ضحايا الزلزال المدمر، كما نشر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رسالة تعزية في ضحايا هذا الزلزال عبر حسابه على منصة “إكس” وأعرب عن تضامن بلاده مع المغرب خلال هذه الفترة المأساوية، ووجه المستشار الألماني أولاف شولتز التعازي إلى أقارب ضحايا زلزال المغرب، قائلا إن الأنباء الصادرة من هناك مروعة، كما قدم وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم خالص التعازي لجميع ضحايا الزلزال ولأسرهم في المغرب.
وفي إسبانيا، قال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، إن بلاده تقف إلى جانب ضحايا الزلزال، مقدما تعازيه إلى الشعب المغربي، من جهتها، أعلنت السفارة الفرنسية في المغرب أنها فتحت وحدة استجابة للطوارئ، معربة عن تضامنها مع الرباط، وأعربت السفارة الأميركية بالمغرب عن خالص التعازي لضحايا الزلزال، قائلة إنها تتابع الوضع عن كثب داعية مواطنيها إلى توخي الحذر، وأعربت الخارجية الإيرانية عن أسفها للزلزال المروع الذي ضرب المغرب، وقدم المتحدث ناصر كنعاني التعازي ومواساته
لشعب وحكومة المغرب.
بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، إن الاتحاد الأوروبي على أهبة الاستعداد لدعم مملكة المغرب في اللحظات الصعبة التي تمر بها بعد وقوع الزلزال، بينما أفاد مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بأن الاتحاد الأوروبي على استعداد لتقديم مساعدات للمغرب، وقالت الأمم المتحدة إنها على استعداد لدعم المغرب في جهودها لمساعدة متضرري الزلزال، من جهته، أفاد مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس بالاستعداد لدعم الاحتياجات الصحية العاجلة للمغرب.
وقدمت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” تعازيها إلى المغرب، مؤكدةً تضامنها مع المملكة لمواجهة أضرار الزلزال، لا سيما ترميم الآثار التي تضررت في بعض المدن التاريخية.
العالم الهولندي
إلى ذلك، ومع حدوث أي زلزال في أي مكان في العالم، يظهر اسم عالم الزلازل الهولندي فرانك هوغربيتس على السطح تلقائياً، وهو ما حدث مع وقوع زلزال المغرب العنيف.
فقبل أيام، غرّد العالم الهولندي فرانك هوغربيتس عبر منصة “إكس” (تويتر سابقا) قائلاً: “اليوم يتقارب اقترانان كوكبيان مع عطارد والزهرة، مع اقترانين قمريين مع المشتري وأورانوس. وفي 6 أيلول الجاري حدث تقارب آخر مع عطارد والزهرة”، متوقعًا مجموعة من الهزات القوية قريبًا بين 5 و7 أيلول.
وعاد عالم الزلازل الهولندي إلى تحذيراته منذ قرابة أسبوعين، حين حذر من وقوع زلزال قد تتخطى قوته 8 درجات على مقياس “ريختر” بسبب ما سماه “الاصطفاف بين الأرض وكوكبي المريخ ونبتون، وكذلك الهندسة القمرية مع نفس الكوكبين”، كما حذر من أن الأرض تتحرك ببطء بين كوكبي المريخ ونبتون.
ونبّه إلى وجود إمكانية كبيرة لوقوع هزات ارتدادية في منطقة الزلزال أو بالقرب منها، وقال إن المنطقة الواقعة غربي البرتغال وإسبانيا وإيطاليا يجب أن تكون في حالة تأهب.
وسبق أن حذّر هوغربيتس من احتمالية وقوع زلازل مدمرة، أبرزها الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في 6 شباط الماضي، والذي خلّف أكثر من 50 ألف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، إذ توقع حدوث ذلك الزلزال المدمر قبل وقوعه بـ3 أيام، بينما يصر العلماء على عدم إمكانية التنبؤ بوقوع الزلازل والهزات الأرضية.
تاريخ الهزات
وتعرض المغرب خلال العقود الماضية لسلسلة من الزلازل تفاوتت في عنفها وقوتها، وتسبب بعضها في دمار هائل وخسائر بشرية كبيرة بلغت آلاف القتلى.
ففي سنة 1960 تعرضت مدينة أغادير لزلزال كان الأكثر فتكاً وتدميراً في تاريخ المغرب، إذ دمر مدينة أغادير الجنوبية المطلة على المحيط الأطلسي، وبلغت قوته 5.7 درجات على مقياس ريختر، وأسفر عن مقتل نحو 15 ألف نسمة وجرح 12 ألفا آخرين، بينما ترك ما لا يقل عن 35 ألف شخص دون مأوى.
وشهدت الحسيمة ونواحيها عددا من الزلازل، من بينها زلزال 2004 الذي يعتبر من أقوى وأعنف الزلازل التي شهدها المغرب، وأدى إلى مقتل نحو 600 شخص وجرح مئات آخرين
وتشريد أكثر من 15 ألفا.