بغداد: هدى العزاوي
استرداد الموجودات والأموال المنهوبة داخل وخارج العراق من أهم المتطلبات التي يجب تلبيتها وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الفصل الخامس، وقد أسس العراق وشرّع "صندوق استرداد الأموال"، وكان قانونه في حينها يشمل الأموال المنهوبة من قبل النظام السابق والمهرّبة من خلال أفراد وشركات أعمال ومسجلة بأسماء أفراد، وبعدها استحصل العراق قراراً لمجلس الأمن الدولي يدعو الدول إلى مساعدة العراق لاسترداد أمواله المنهوبة بما فيها المصارف الدولية.
ويشير الخبير في مجال مكافحة الفساد، سعيد ياسين موسى، في حديث لـ"الصباح": إلى أن "العراق يعاني من فجوة قانونية في استرداد الموجودات لما بعد عام 2003 يصحب ذلك تفشي الفساد المالي والإداري والمحمي بالفساد السياسي وآلية تشكيل هيكلية منظومة إدارة الحكم عن طريق المحاصصة الطائفية والإثنية، مما وفرت أجواء لاستغلال النفوذ بالاعتداء على المال العام، وتضخم الأموال لدى فئة محددة من هيكلية منظومة إدارة الحكم" .
وبيّن أنه "بعد تحليل البيئة؛ ظهر أن العراق بحاجة ماسة إلى تشريع قانون استرداد الأموال المنهوبة داخل وخارج العراق، فالآليات واضحة في استرداد الأموال في الداخل، ولكن التحدي هو كيفية استرداد الموجودات والأموال المنهوبة من الخارج"، موضحاً "أننا هنا نكون أمام معضلتين؛ الأولى استكمال التحقيقات وإصدار الحكم البات لغالبية المتهمين الذي هربوا لخارج البلاد، بمعنى استرداد المطلوبين وبعد استكمال الإجراءات القضائية يكون العمل على تجميد وحجز واسترداد هذه الأموال، وهنا تأتي أهمية تشريع القانون لتلبية 41 مادة في اتفاقية مكافحة الفساد الأممية، مع إتاحة تبادل المساعدة القانونية بين الدول الأطراف في الاتفاقية وهي واجبة الالتزام والتنفيذ، مع العلم أن هذه الأموال قد أدمجت في اقتصاديات دول الملاذ" .
ونوّه، بأنه "على المستوى الدولي، يتيح القانون للعراق - بعد الإجراءات القضائية بالإدانة - استرداد المطلوبين عن طريق إبرام اتفاقيات ثنائية بين العراق ودول الملاذ، ويتبعها استرداد الأموال والموجودات من خلال التعاون القضائي"، وبين أنه "تنفيذياً ولأجل دعم هذه الجهود يجب أن تقوم الحكومة العراقية بإدراج فقرة المساعدة المتبادلة في الاسترداد ضمن اتفاقيات التعاون الاقتصادي مع باقي دول العالم لتكون ملزمة لتلك الدول، وهذه من مهام وزارة الخارجية، وعلى وزارة العدل أن تراجع إجراءات العقود الدولية مع الشركات والحكومات لحفظ حقوق العراق بإدراج فقرات تمنع تهريب الأموال والإضرار بالمصالح العراقية خلال تنفيذ تلك العقود، كما يقوم مجلس القضاء العراقي بإبرام اتفاقيات ثنائية مع القضاء في دول الملاذ، وتقوم هيأة النزاهة الاتحادية بقيادة هذه الجهود من خلال التعاون الدولي في إطار اتفاقية الأمم المتحدة والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد" .
ودعا موسى، إلى "تكليف شركات محاماة دولية بإقامة الدعاوى أمام القضاء في دول الملاذ مقابل حصولها على نسبة من الأموال المنهوبة حين استردادها، لأن هذه الشركات لها معرفة ودراية بالبيئة القانونية في دولها، وهنا نحن أمام تقديم مبادرات تشجيعية للمبلغين طوعاً من المطلوبين ومكافأة المبلغين من غير المطلوبين واستثمار تواجد الجالية العراقية في دول الملاذ" .
بدوره، قال مقرر اللجنة المالية النيابية للدورة الرابعة الدكتور أحمد الصفار، في حديث لـ"الصباح": إنه "على الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة للأموال المهربة من العراق، لكنها تتراوح مابين 400 إلى 500 مليار دولار"، مؤكداً ضرورة قانون استرداد الأموال في ظل امتلاك الحكومة الإرادة الفعلية في تطبيقه.
منوهاً، بأن "أغلب هذه الأموال تعود لأشخاص متنفذين ويمتلكون السلطة والنفوذ، وبالتالي إذا ما تمكنت الحكومة من استرداد أي مال، فذلك مكسب ضروري كونه مال عام، وأن العملية ممكنة لكنها تحتاج إلى إرادة وجدية لمواجهة أصحاب هذه الأموال لامتلاكهم قوة ونفوذاً و دعماً خارجياً" .
وأشار الصفار، إلى أنه "في الوقت الحاضر تساعد كثير من العوامل في تطبيق هذا القانون، خاصة أن هناك علاقات جيدة جداً بين الحكومة الحالية ومختلف دول العالم، وبالأخص من تتركز عندهم الأموال المهربة والاستثمارات الخارجية في دول أوروبية وعربية وخليجية وبعض المصارف والبنوك الأميركية، لذا يمكن استغلال الفرصة واستعادة هذه الأموال وفق قانون تستند عليه الحكومة في استردادها" .
تحرير: محمد الأنصاري