عصام كاظم جري
الإرهاب فكرة جاءت لتشويه الأديان ومنهج التسامح بالمجمل، والإرهاب والدين ضدان لا يجتمعان، جاء لتشويه منهج الإسلام والمسيحية والبوذية واليهودية...إلخ، وإن الإساءة والمتاجرة باسم الدين ومبادئه تعدّان إرهابا مباشرا ضد الدين. والأكثر خطورة من ذلك استغلال الدين ضد الفئات والجماعات والطوائف الأقليات، بل هو أمر في غاية الرخص، وبالعموم أن فكرة الإرهاب لم تقع في البلدان ذات الصبغة الإسلاميّة فحسب، بل راح ضحية هذا الفكر السوداوي والظلامي الكثير من الضحايا عالميّا، ولم تكن الدّول العربيّة والإسلاميّة وحدها التي طالتها يدُ الإرهابيين، وإنما دول أوروبيّة وإفريفيّة وشرق آسيويّة وغيرها وقعت تحت نار الإرهاب. نحن على دراية تامة بأن شعائر التكبير والتهليل لعظمة الله تعالى وحده. أما الذبح وافتاء قتل الصغار، والنساء والكبار، فهو ديدن العصابات، بغية قبض حفنة أموال أو تلبية طاعة وولاء ما، وظلت هذه العصابات تشن حملات التكفير والتخوين والاتهام بالردة والعمالة، ضد أهل النهضة والسّلام والحياة في كل بقعة من العالم، وذلك لإضعاف العوامل الاجتماعيّة والعلميّة والثقافيّة والتربويّة. لذا لا بدَّ من الإيضاح للعالم أجمع، وبوضوح الصورة تزول الضبابية عند الشعوب والأمم. وبعد الإيضاح لم يعد مجديا خلق أية قصة من قصص التمويه والغش والكذب، لخلق فرصة جديدة لتسويق الإرهاب، وتحت أي مسمى
كان.
وقد جاء في كتب التأريخ نهاية دكتاتوريّة نمرود ببعوضة، ونهاية قصة الأحزاب بالرياح، وبطش الطاغية قارون بالخسف، وانتهى جبروت أبرهة الحبشي بحجارة ومضى زمن هتلر بالانتحار..... الخ، من هذا نستخلص بأن الإرهاب شكّل مساحات واسعة على الأرض، منذ خلق الله آدم (عليه السلام) ليومنا، ولكن الطرائق مختلفة ومتنوعة حسب المرحلة والزمن والأداة، ويخطى من يظن أن الصحراء ما زالت الحاضنة الأولى والمناسبة لتأسيس ظاهرة الإرهاب هذا من جهة، ولا علاقة للأديان في ظاهرها وباطنها القريب أو البعيد من فكرة الإرهاب التي تبناها الآخر. ولم أجد في الأمر غرابة حين أقرأ بأن فكرة الإرهاب الظلاميّة مدعومة ماليا ولوجستيا، بالخفاء من قبل بعض الحكومات الدكتاتوريّة الظالمة، لأسباب كثيرة، منها أن تلك الحكومات لا تأبه بالعقوبات الاقتصاديّة والعزل والحصار الدوليّ، ولن يرد في قاموسها بأن تبنيها لهذه الفكرة ودعمها يعدُّ انتحارا معلنا لشعوبها، ومن الممكن أن يكون الإرهاب مدعوما من جماعات ومنظمات تشدُّ بعضها البعض في الظل لتؤسس
فكرتها.
ويخطئ من يظن أن القنوات الفضائية الغربيّة وحدها تروج وتضخم لفكرة الإرهاب، بل لدينا بعض القنوات الإعلاميّة العربيّة الفاسدة والفضائيات المأجورة تعمل في وضح النهار على بث نتانة الإرهاب وتؤسس له لغايات التعبئة وغسل الأدمغة. واقعا أصبحت الدعوة إلى فكرة الإرهاب فعلا مستهلكا، ومسرحية ساخرة من تلك القنوات. وصار معروفا بأن كل طرف يغطي خيباته بشعارات دينية فضفاضة. والآن ظهرت الحقيقة جلية للجميع بإن الجماعات المسلحة تتبنى منهج الإرهاب والتكفير والتدمير،لا سيما التي تعمل في محوره مثل تنظيم القاعدة، وما خرج من عباءة القاعدة كالدواعش وبعض المليشيات، ولا نستثني من ذلك سلاح العشائر المنفلت والذي يعدًّ إرهابا وشريكا في القتل،قد لعب الإرهاب دورا مدمرا، ونشر الظلم والطغيان والاستبداد، وزعزع الاستقرار والأمن. ولم تعد تنطلي شعاراتهم الدينيّة المزيفة على عواطف الناس.