التجريب المسرحي في العراق والشام

ثقافة 2023/09/13
...

  القاهرة: إسراء خليفة 


أقام مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي الدولي بدورته الثلاثين ندوة ثقافية بعنوان (التجريب المسرحي في العراق والشام) وشارك فيها عدد من الباحثين في المسرح من العراق والاردن وسوريا ولبنان.

وقدم  الدكتور رياض موسى سكران بحثا يحمل عنوان (حفريات التجريب السيسيوثقافية في خارطة المسرح العراقي) الاستجابة لنداءات المستقبل.وقال سكران إن: خطاب العرض المسرحي العراقي الجديد يتطلع  الى آفاق (تجريبية) جديدة، وراح يبحث عن صياغات ومعايير جمالية محدثة، من أجل تكريس وعي جمالي لدى القارئ، ودفعه لأن يتأمل ممكنات وموجّهات المعنى في العرض الذي رسمت حركته خطوطا متعاضدة ومتواشجة من تجارب وخبرات عديدة، تداخلت معها تقنيات محدثة ومتوافقة مع حركية العصر وروحه.

    وأضاف أنّ: خطاب العرض المسرحي ليس انعكاساً مباشراً للفعل اليومي، وهنا مكمن التباين والتنوع والاختلاف في مفهوم التجريب، حيث توقفنا بدهشة أمام غواية الصورة وشعرية المشهد ورسم الفضاء في تجربة مسرح الصورة لـ (صلاح القصب)، وقرأنا بشغف ذلك التفرّد في تكنولوجيا صناعة خطاب السيرة الدرامية المفترضة وتجلياتها في تجربة (عقيل مهدي)، وتوقفنا أزاء عملية إعادة إنتاج الواقعية الخيالية وتجلياتها السحرية في تجربة (فاضل خليل)، وتيقظت فينا الهواجس المكبوتة عندما جلدت أجسادنا سياط الواقع الضاغط وقسوته في تجربة (جواد الأسدي)، وتفاعلنا مع ذلك البوح المتفرّد والصوت العالي والموقف الجريء للمرأة في تجربة (عواطف نعيم)، وبحثنا عن ذلك الإنسان الطيب في تجربة (عوني كرومي)، لنعود ونقف بدهشة متجددة تدفعنا الرغبة في التقصي والبحث عن مكامن أسرار اللعبة الساحرة في أم التجارب لمعلمنا الغائب الحاضر، حارس المسرح العراقي (سامي عبد الحميد)، لتباغتنا بقوة تلك الفضاءات المغايرة التي يؤسسها البعد الإنساني الذي يسعى عبثاً أن يبرر وجوده في عالم مضطرب شكّلته الفرضيات التجريبية لـ (أنس عبد الصمد)، وتماهينا مع ذلك النزيف المتدفق درامياً وهو يحاكي أعماق الذات المتشظية وهواجسها بين الراهن والآتي في تجريبية (علاء قحطان). 

وأشار سكران إلى أنّه من خلال كل هذه التجارب نستنتج أنّه ليس هنالك تجريب نمطي مشترك، وإنما هناك رؤى تجريبية متنوعة، تختلف بحسب اختلاف التنوع السيسيوثقافي وهذه الرؤى هي التي شكلت تضاريس خارطة التجريب في المسرح العراقي، وهي تجارب تقوم على خلق متواصل للمعنى، وتفتح الفضاء أمام تعددية القراءة، فالتجريب هنا، لم يكن يسعى الى رصف للعناصر أو وصف للظواهر، وإنما هو عمليات تأسيس وابتكار متواصل، وهو محاكاة جوهريّة نابضة لأشياء حيّة، تجعل معنى العرض ينفتح ليعانق الوجود، وينقل بعضاً من كثافته، فضلاً عن أن جوهر خطاب كل عرض مسرحي كان يسعى لخلق (روح) حميميَّة للعرض، تؤسس لفعل القراءة والتواصل وإنتاج المعنى.

     وأضاف سكران أن: التجريب لم يكن ترفاً أو متعة مجردة، بل إنه كان استجابة للنداءات الآتية من فضاءات المستقبل، ولعل الجوهر التجريبي المشترك في أعمال المسرح العراقي، يتمثل في أنها أعمال لم تجعل تصوير ونقل الواقع هدفاً وغاية لها، بل تجاوزته الى ما هو أعمق، فصار المعنى فيها يسلم الى معنى جديد، والمعنى الجديد الى معنى آخر، لتظل توحي بقراءات متعددة تنطوي على معانٍ متنوعة ومتوالدة ومتجددة، وهي تفتح فضاءات المعنى على الأفق الجمالي وتجلياته اللامتناهية.

 وشارك في الندوة الدكتور صلاح القصب بمداخلة تحدث فيها قائلا انطلقت احتمالات المسرح وليس نظرياته واليوم طرحت نظريات حول التجريب الذي يعتبر فوضى جمالية تتحرك ضمن جسيمات فلسفية متقدمة جدا والمسرح العربي شاخ وهرم وكبر وهناك ومضات ضمن فضاء المسرح العربي وانا اعتبر هذه الومضات فلقية ولا بدَّ أن نحرك المسرح التجريبي حتى لا يكرر نفسه مثل التشكيل فالمسرح العربي اصبح يكرر نفسه والتجريب يجب ان يتحوك حول السريّة في أي منطقة تكمن، معتبرا أن التجريب ما بعد الفلسفة والفكر. وقال القصب إنّه ينظر إلى الثقافة بعد 50 عاما بأنّها تتلاشى وتتحول إلى متاحف ومراكز تجارية استثمارية وتتحول إلى مذكرات وعلينا نحن المسرحيين أن نحمي المسرح وننقذه من الشيخوخة والموت ونميك السر كي لا يشيخ  كالسياسيين القلقين على المناخ وانهيار الجبال الثلجيَّة والتلوث بالبيئة.كما شارك عدد من الباحثين بالمسرحيين والمشاركين في المهرجان ومنهم  الدكتور عبيدو باشا من لبنان والدكتور عمرو نقرش من الاردن ودكتور ميسون علي من سوريا وتحدث كلٌّ منهم عن تجربة مسرح التجريب في بلدانهم.