بغداد: حيدر الجابر
أزمة كركوك أثارت التساؤلات مجدداً بشأن العلاقة بين بغداد وأربيل، تلك الأزمة التي تنفرج بعد كل انتخابات، وتتأزم وتتعقد قبيلها، وهو ما جرى قبل أيام، حيث أفضى اتفاق تشكيل الحكومة إلى تسليم بعض المقار في المحافظة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني.
إلا أن موجة غضب عربية تركمانية أدت إلى تعطيل الاتفاق، أعقبتها تظاهرات متبادلة انتهت بسقوط ضحايا، ومما زاد الموقف تعقيداً قرار المحكمة الاتحادية "الولائي" الذي قضى بإيقاف الإجراءات كافة، حتى إعلان الحكم النهائي.
وألقى الكاتب والصحفي سلام الزبيدي، باللائمة على المجاملات السياسية التي جعلت النظام السياسي العراق فريداً من نوعه، بخلاف كل الأنظمة الديمقراطية.
وقال الزبيدي لـ"الصباح": إن "قوة المركز تتمثل بقوة القوانين التي تنظم العلاقة بينه وبين والإقليم، ومدى تنفيذ تلك القوانين بعيداً عن المجاملات والتنازلات التي تجري أبان تشكيل الحكومات مع الأخوة في إقليم كردستان، إذ أن تلك المجاملات تصطدم أحياناً مع المصلحة الوطنية العليا، وقد لا تلقى المقبولية لدى إرادة الشعب العراقي"، وأضاف أن "هذه المجاملات تصطدم مع القوى السياسية الكردية، وهنا أقصد أحزاب المعارضة، التي ترى بأن الشعب الكردي يغبن أحياناً بسبب سياسيات المركز، إذ ما زالت الكثير من القضايا العالقة التي تخص الإقليم لم تحل سواء كان ما يتعلق منه بتوزيع الرواتب أو استئثار جهات في الإقليم بالموارد دون بقية أبناء الشعب الكردي" .
وتابع، أن "بعض القوانين المهمة التي تنضم العمل بين المركز والإقليم قد زويت وأبعدت عن التصويت في البرلمان، ومنها قانون (النفط والغاز) الذي يضع حلاً جذرياً لعملية تصدير نفط الإقليم وتوزيع الثروات بالشكل الذي يبعد الجانبين عن الصراع والخلافات التي تتكرر بشكل سنوي مع اقتراب مواعيد إقرار الموازنة العامة للبلد" .
ورجّح الزبيدي، أن "استمرار تلك الأزمات الاقتصادية والسياسية يجرنا إلى التشعب ويقودنا إلى حالة عدم استقرار شبيهة لما حدث مؤخراً في كركوك، والتي هي أحد انعكاسات ما ذكرناه من مجاملات سياسية واتفاقات مسبقة كادت أن تسكب زيت الفتنة على مكونات الشعب الواحد وتجرنا إلى نيران الاقتتال لولا حكمة التعامل معها والتي كانت بمثابة المياه التي أطفأت نيران الأزمة" .
بدوره، يضع الكاتب والصحفي محمد وذاح، عدة مقترحات لحل الأزمة والخروج بنظام سياسي عادل.
وقال وذاح لـ"لصباح": إن "الحديث عن الأزمة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان متمثلة تحديداً بالحزب الديمقراطي الكردستاني، هي أزمة (مزمنة) وليست عابرة، وكلما تبرز أو يجري الحديث عن الخلاف بين بغداد والإقليم تكون على أساس قضيتين رئيسيتين، على الرغم من وجود الكثير من المشكلات ونقاط الخلاف"، وأضاف أن "القضية الأولى؛ هي الموازنة المالية أو الحصة المالية لإقليم كردستان من الموازنة العامة للعراق، والقضية الثانية وهي الأبرز؛ متمثلة بمدينة كركوك وتنفيذ المادة (140) التي يراها ويريدها إقليم كردستان أن تكون جزءاً من الإقليم" .
ورأى الكاتب، أن "الحل الأنجع للخلاف المزمن بين بغداد وأربيل بخصوص حصة الإقليم من الموازنة وقضية كركوك؛ الأول يكون بالإبقاء على حصة الإقليم في الموازنة الاتحادية، ولكن يحسب التمويل من عائدات النفط التي تحصل عليها حكومة أربيل من بيع النفط، وما يزيد يعود إلى خزينة الدولة وما ينقص يمكن أن تموله الحكومة الاتحادية وبإشراف وزارة النفط الاتحادية أو شركة (سومو)"، وبين أنه "بالنسبة لقضية كركوك، فيجب أن تحسم بشكل نهائي وجذري بقرار من سكان المدينة بعيداً عن التدخلات والاتفاقات السياسية التي سلبت حق أهلها، بترك المدينة على وضعها الحالي دون التلاعب بالتنوع الديمغرافي والتوطين واجتزاء الأراضي والسيطرة على المقرات" .
ودعا وذاح، إلى أن "يكون التعايش في كركوك على أساس المواطنة وإبعاد أي طموحات باجتزائها وإلحاقها سياسياً أو جغرافياً لهذا الإقليم أو تلك الدولة؛ لأن مدينة كركوك عراقية وهي ملك العراق وغنية بتنوعها القومي والديني واللغوي والنفطي وبقاؤها هو رهان ببقاء العراق واجتزاؤها سيكون بتشظي العراق وتفككه" .