الحياء رجلًا

آراء 2023/09/16
...

ميساء الهلالي

كانت الجدّات يرددن جملًا شهيرةً قبل سنواتٍ طويلةً عن بوادر آخر الزمان، الذي ستتغير فيه الأحوال وستتجرد القيم والأخلاق من معانيها الحقيقيَّة، لتحل محلّها سلوكيّاتٌ جديدةٌ فتنذر عن اقتراب يوم الحساب.. ومن ضمن تلك المحاذيرُ تبدّل الأدوار بين الرجال والنساء،  فتختار المرأة تطبيقُ بعض السلوكياتِ المقترنة بالرجل، بينما يصبح بعض الرجال أكثرَ ميلًا لطبائع النساء.
واليوم نرى بعض السلوكيات الجديدة على مجتمعنا، إذ كان الرجل في ما مضى يمنع شقيقته أو زوجته من الخروج وحيدة، خوفًا من التحرش والمضايقات.. كن الصديقات يتبارين حول تعداد المعجبين من الرجال، بينما تمارس الفتاة صدّها بكلِّ ثقةٍ لتعزز أنوثتها.. إلا أن مذياع التحرر والمساواة أدخل عددًا من المفاهيم الخاطئة لدى بعض الإناث، فتمادين في إظهار طابع الجرأة المكتسبة، ومن ضمن أولويات التمادي هو التباهي بالتحرش اللفظي بالرجل أو إطالة النظر مع ابتسامةٍ جريئة، تعلن فتح باب القبول له، وقد تبادر إلى تسجيل رقم هاتفه بعد التذرع بأيِّ حجة، ولربما ترمي بورقةٍ كُتب عليها رقم هاتفها الشخصي.. حركاتٌ كانت تنحصر ضمن دائرة الذكورة، ولكن النساء آثرن تبادل الأدوار اليوم حتى صارت المرأة، التي تسير إلى جانب زوجها في الشارع أو المولات التجاريَّة تترصد النظراتِ، التي تطلقها بنات حواء نحو ذلك الزوج، الذي يبادر إلى تبيان حسن نواياه مع زوجته، فيطرق برأسه أرضا، أو يكتفي بالنظر إلى وجه زوجته الغاضبة، وقد تتمادى بعضهن في الفعل، فتتحرش بالزوج، رغم وجود الزوجة بإظهار فنون التذاكي في لفت انتباه الزوج على حين غفلةٍ من الزوجة، وإن تنبهت الأخيرة فلربما سينتهي الحال بشجارٍ عنيفٍ أو فعلٍ غاضبٍ من قبل الزوجة ضد المرأة المتحرشة، ليكون الزوج في محل الوجوم المطلق.
أما ما يحدث خلف الشاشات الذكيَّة فهذا ما لم يعدّ ضمن السيطرة، بعد أن تفننت بعضهن في استمالة هذا وذاك.. هنا نعلن انقلاب الأدوار وانهيار الأخلاق.. هنا سنبحث عن بقايا الحياء لدى الأخريات.. فرغم احتفاظ الغالبيَّة بطابع وأخلاقيّات الأنثى، إلا أن القلّة بدأت تنتشر وتؤثّر في المجتمع ككل، ليقف الرجل في خانة الغرور، وهو ينعم كسلطانٍ بكم النساء حوله ممن يطلبن الود، رغم علمهن المسبق باقتصار هذا الود على غاياتٍ ستنتهي سريعا.. وهنا أيضا ستعلن النساء المتزوجات حصرًا إفلاسهن من تطبيق طرق الدفاع، بعد أن أصبح الرجل المتزوج هدفًا لبعضهن، ربما بدافع إغاظة الزوجة، أو لسد نقصٍ ما وقد يكون التقليد والفراغ دافعينِ أكبر بعد ترويج بعض المفاهيم المغلوطة، عن طريق الأفلام والمسلسلات الحديثة، التي ترجمت لنا أحقيَّة المرأة في البحث عن رجل.. هنا يكمن السؤال.. هل صدقت الجدّات وسينتهي عهد الأنوثة، ليكون الرجل أكثرَ حياء.. وهل سيكون هذا آخر الزمان أم ما زالت في جعبة الحياة مفاهيمُ جديدةٌ أخرى لتخبر ما عنها، وتزيد من قشعريرة قلوبنا قبل أجسادنا.