أربيل: رائد العكيلي
الشاعر هو الأكثر التصاقاً وحباً للأرض فكيف اذا داهمها الخطر يكون حال لسانه وحرفه حال قومه وواقعه، هذا ما عبّر عنه رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في محافظة نينوى الشاعر سعد محمد حسين في مجموعته الشعرية (أتخيله نهراً) عبر توقيعه في احتفالية أقيمت على قاعة المؤتمرات في المركز الأكاديمي الاجتماعي وبحضور قنصل دولة فلسطين نظمي حزوري وجمع من الأدباء والشعراء والمثقفين. وقالت الشاعرة حياة الشمري التي أدارت الجلسة: صور لنا الشاعر الحياة كطفلة أحلامها قطعة حلوى، فجميع النصوص هي من قصائد النثر بتعابير منسقة وأسلوب راقٍ وجمل مكثفة فهو ضليع باللغة العربية كونه اختصاصاً فيها، فعلى الرغم من مسحة الحزن على نصّه الشعري الى انه ابتعد عن الاشتراك والتكرار وتمكن من ان ينوّع أدواته الشعريّة على مستوى اللفظ والمعنى فجاءت الصياغة الشعرية بعيدة عن التكلّف والتعقيد، من جهته قال الناقد طالب زعيان: تحدث الشاعر في أغلب قصائده عن فترة التهجير والنزوح التي بقيت عالقة في ذهنه فلا يستطيع النسيان أو التخلص منها حيث نقل صورة حسيَّة حركيَّة كأنّك تشاهد شريطاً سينمائياً مليئاً بالأحداث المتشابكة والمؤلمة والمجهولة المصير، ففي وسط هذه المشاهد المأساوية انتقل الى أسلوب النداء دلالة على حاجته للمساعدة والانقاذ فنادى أخيه ورفيقه في الكلمة والقضية والجرح الشاعر محمود درويش دلالة على ان الشعراء أحياء بنصوصهم وكلماتهم، فقد استطاع الشاعر أن يضعنا أمام نصوص توثق مرحلة معينة من الزمن لا تنسى بأسلوب عالٍ من اللغة في اختيار الأساليب النحويَّة التي تناسبه.
وأوضح الشاعر لـ»الصباح» سبب تسميته الديوان «أتخيله نهراً» قائلاً كان بيتي في الموصل قريباً من نهر دجلة الذي يقسم المدينة الى جانبين أيمن وأيسر، وكنت أجلس على إحدى ضفتيه أكتب الشعر وبعد التهجير القسري عشت بمدن عديدة في تركيا ولم يكن فيها نهر، فكتبت أشعاري وأنا أتخيل أمامي نهر دجلة كما في السابق، وعبّر الشاعر رائد عزيز عن رأيه في الابداع والجمال الطبيعي لدى الشاعر فقد يكدس الجمال والمجاز ويلقي به دفعةً واحدةً في نص واحد؛ لذلك فمن الأفضل قراءة المجموعة بفواصل زمنيَّة حتى يتم استيعاب النص وهضمهِ واستكشاف جماليات التراكيب ومعانيها ورمزياتها والدلالات الناتجة عنها ثم يفاجِئُك بنصٍّ آخر بعرامة اللغة وسطوتِها وتجاوزها للصور الشعريّة إلى المباشرة اللغويَّة وهي من أصعب أساليب الشعر، كما أن القارى يستشعر الوجع الشديد في شعره فكبرياء الشاعر ومصداقيته يجعلان المتلقي يسترخي وهو يتناول فاكهة أبياته لأن البناء الشعري ومستلزماته والطرح الفكري في المجموعة جعل الشاعر يبدي رأيه في حقبة زمنية نادرة مرت بها الشعوب فلقصة الموصل والظلام والظلاميين حديث يبدأ ولا ينتهي.