الرعاية وعمّال البلديَّة

آراء 2023/09/19
...

 علي لفتة سعيد


تسعى الرعاية الاجتماعيَّة لتوفير لقمة العيش للإنسان الذي لم يحصل على فرصة عملٍ، وكذلك للفرد العاجز عن العمل سواء بدنيًا أو عقليًا، وهو الأمر الذي تريده أن يكون إنسانيًا، يعيش بكرامةٍ في بلده الذي وجب عليه توفير لقمة العيش كجزء من عمل الدولة ومهامها. لكنها بالتأكيد لا تسعى إلى جعل الإنسان القادر على العمل على يكون اتّكاليا. وقد ذكرنا في مقالٍ سابق نشرته ( الصباح) من أن الرعاية الاجتماعيَّة، لا تعني منح الراتب لغير الموظّف حتى لو كان المتقدّم في وضعٍ ماليّ جيد، أو أنه يمارس عملًا من الأعمال الحرّة، ولهذا نجد الكثير من المستفيدين من راتب الرعاية هم فوق الكسبة أو حتى من الفئات الميسورة، ولديهم أعمالٌ تدرّ عليهم أموالًا جيدةً ومستمرة، ويمارسون حياتهم بشكلٍ طبيعيٍّ مريح، وقد تمكّنوا أما بخداع لجنة الكشف بإعطاء عناوين غير صحيحةٍ للمسكن، أو قدّموا رشىً إلى من هم في اللجنة أو حصول ضغط من هذه الجهة أو تلك لشمول أعدادٍ من غير المستحقين للاستفادة منهم في البرامج السياسيَّة والانتخابيَّة وغيرها من الأسباب الكثيرة، التي تؤدي جميعها إلى حصول غير المستحق على راتبٍ وقد وصولوا إلى أعدادٍ مهولة.

وعليه لا بدَّ من إيجاد مخرجٍ من عملية استنزاف التخصيصات المالية لأشخاصٍ غير مستحقّين، وحرمان المستحق الذي ينتظر الحصول على المال. لذا فإن الأمر مطروحٌ أمام وزارة العمل والشؤون الاجتماعيَّة لقبول ودراسة مقترحٍ خاصٍ باللذين يدّعون عدم قدرتهم على الحصول على فرص عملٍ في سوق العمل الخاصّة، وهم بكامل قواهم الصحيَّة والعقليَّة والجسديَّة، وقهم من القادرين على ممارسة العمل بشكلٍ جيدـ لكن لا فرصة لهم. لذلك المقترح أن يتمَّ زجّهم في العمل المباشر في دوائر البلديَّة مثلا وخاصّة عمال النظافة أو كما يطلق عليهم استحبابًا (مهندسو النظافة)، وهي تسميةٌ رائعةٌ لرفع المعنويات وإعطائهم الدور الكبير في إظهار المدينة بشكلٍ جميل يسر الناظرين. وعليه وبدلًا من الحصول على راتب رعاية لا يزيد على 200 ألف دينار أن يعمل في قطّاع البلدية ويحصل على 300 ألف دينار، وهو بهذا يحّقق فرصة ممارسة العمل غير الاتكاليَّة، وأن يحصل على المال بعرق جبينه، وفيه زيادة تعينه على الممارسة، وفيها أي فرصة العمل للتثبيت كموظفٍ دائمٍ في دوائر البلدية مستقبلًا في حالة وجود المفاضلة في طرح فرص التعيين. فضلا عن أن هذا المقترح سيبيّن من هو بحاجة إلى المال وغير قادر على العمل، ومن هو يريد المال وهو يعمل في قطاع آخر. إن هذا المقترح كما نراه سيجني الكثير من الفوائد منها:

1 - إنه سيوفر الكثير من فرص العمل الحقيقيَّة، التي تجعل المال حلالًا بالنسبة لهم خاصة ونحن في مجتمع إسلامي.

2 - إنه سيزيد من عديد عمال النظافة التي تشكو الكثير من المحافظات من قلّة أعدادهم وزيادة الرقعة، التي يعمل فيها العمال وسرعة في إنجاز عمليات النظافة ورفع النفايات والأوساخ من الأحياء السكينة، التي ترامت وتضاعفت من خلالها مساحات المدن.

3 - إنه سيوفر الكثير من المال لأن المتوقّع أن يتمَّ الاستغناء عن راتب الرعاية لمن تتم مطالبته بين العمل في البلدية أو قطع المعونة الاجتماعيَّة، وبالتالي فمن يتم قطع المعونة عنه سيفيد في رفع راتب من يوافق على العمل دون أن تخسر وزارة العمل مبالغ إضافية.

4 - إنه سيوفر أموال المعونات إلى فئاتٍ محتاجةٍ حقيقة كان يكون أصحاب الهمم والناس العجزة أو كبار السن، الذين يحصلون على معونات لا تكفي لشراء أدوية وخاصة اصحاب الأمراض المزمنة.

5 - إنه سيقلّل من الحالة النفسيَّة التي تجعل الفرد العراقي يفكّر بصورةٍ سلبيَّة من خلال الحصول على المال بطريقةٍ اتّكاليَّةٍ، وهي ثقافةٌ تحوّلت للأسف الشديد مع بدء سريان القانون قبل سنوات تحت شعار (هذا حقي من النفط) أو تحت شعار ( شعرة من جلد...) كما نسمع الكثير من هذه الحجج لدى من نناقشهم في هذا الموضوع، وهم في حالٍ ماديّ أفضل من آلاف

 الموظفين. 

6 - إنه سيفرز المحتاج من غير المحتاج والمدّعي بالفقر ومعرفة الحلال والحرام ممن يستلم مالًا بغير حق.

7 - إنه سيفرز أعداد الذين يستحقون حقا هذه المعونات ومن غير المستحقين. وتحويل المبالغ إلى أعمال أخرى للوزارة.