أودعتُ في دمِها خُزامَى الحبّ

ثقافة 2023/09/20
...

دخيل الخليفة*

أعطتْ لخمْرِ الليلِ لوناً آخرَ، التهمَتْ شفاهَ الجمرِ، وانسكبَتْ على وترِ الغوايةِ حنطةً، وطناً من الياقوتِ، هذي حلوةُ الفتياتِ تضحكُ حينما تبكي، وتبكي حينما تتضاحكُ الأشياءُ حولَ رموشِها.. وتجرُّ من ولَهٍ شغافي.

لن يرسموا للشمسِ وجهاً مثلما قوّسْتُ حاجبَها وطوَّحَني بها سهَرُ النبيذ، غرورُها عبّ الهواءَ فأدمنتْ شهدَ الصبابةِ، تلكَ لو ركضَتْ على الغيماتِ لاندلقَ الجمالُ على الخليجِ، دلالُها التَهَم الوداعةَ في الضّجيجِ، ترنّحَتْ رقْصاً وذابتْ في ضفافي.

هي هُدنةُ التنّور، بلّورُ الكُمونِ، حرارةُ الإغواءِ في دبْسِ الشفاهِ، وخُطوةُ المسحورِ في عبثِ التوجُّسِ، يسْتريبُ من التباسِ الحبّ بالإعجابِ، حاصرَني الجموحُ وتهْتُ فاستعصَتْ عليَّ مرافئُ الأسرارِ، شيّعني التشهّي في هَيولَى السحْرِ، هسْهَسَ صوتُها السكرانُ في حطَبِ ارتجافي.

هي أقربُ الأشياءِ أبعدُها عن الغَرْو المُدلّهِ، صيغةُ المجهولِ في حذَرِ القصيدةِ، فتنةُ المعنَى بكرّاس الغوايةِ، كنتُ أُغْري باسْمِها التأويلَ كي يَسْبي الفرادةَ في سطورِ المُعجزاتِ، فتخْصِفُ الكلماتُ من ولَهِي ليَستترَ اعترافي.

أودعتُ في دمِها خُزامَى الحبّ، داخَ بخصبِها الطقسُ الكتومُ، ووشّحتْني بارتعاشِ الدالِ في اسمَينا، وصيّرَني التقمّصُ نيلَها المجروحَ، ساهمةً تُعيدُ صياغةَ المشدوهِ في غيبوبةِ الوترِ النديّ ونزهةِ الشفتَين، ينحتُني بفوضاها الجنونُ تصيرُ سيّدَتي وقلبي الغرُّ منزلُها الخُرافي.

ماذا يُخبئُ مرْفأُ الحنّاءِ غيرَ رسائلِ الإيحاءِ مضْفوراً توشّحهُ الغرابةُ، يلظمُ العفويَّ بالوحشيِّ في هوَسِ التحرّرِ، أودعَتْ سرْبَينِ فيهِ ودوْزَنَتْ شغَفَ الحياةِ بكُحلِ عينَيها، حطاماً غرَّبتْهُ الأرضُ لكنَّ القلوبَ مكانُها الأسْمَى وإن كثُرتْ برحلتِها المنافي.

قالت ستبْتكرُ الفخاخَ بطيشِ سهرتِنا على صخَبِ الهَباءِ، تفرّطَتْ كرَزاً تلعثَمَ في التباسِ الوجْدِ، حتّى خلْتُ كلَّ الأرضِ فاكهةً وأزهاراً ـ بنصفِ الليلِ ـ دانيةَ القطافِ.

وحدي يدوّنُني الصباحُ كأنني حلُمٌ تشظَّى، لا يجاورُني سوَى نقشٍ على المرآةِ: لا تنسَ الحبيبةَ، خطَّ حرْفي في جدارِ الوقتِ واكتبْني لتكتشفَ اختلافي!
وحدي ألمّ حصادَ ذاكرتي، يتوهُ بسكْرَتي المعنَى وتسبقُني القوافي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*شاعر من الكويت