أحمد عبد الحسين
قانون النفط والغاز مثال بيّن على ما يمكن أن تتركه الخلافات السياسية من أثر على جسد الدولة بأكمله، ليس على وضعها الحاضر فقط بل على الأجيال اللاحقة أيضاً.
لهذا القانون "تاريخ" حافل من الشدّ والجذب والتقديم والتأخير والدفع والمماطلة يناظر بالضبط تاريخ التجاذبات التي تمسك بخناق العملية السياسية منذ التغيير وحتى اليوم. فهو عرضة للتأجيل المستمر منذ 15 عاماً، والنقاط الخلافية فيه تتكاثر كلما تعتّق. وهذه النقاط أصبحت اليوم 11 نقطة بالتمام والكمال، وهي تقع حصراً بين رؤيتي كلٍّ من الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان.
لا أظنّ أن هناك قانوناً عُرض على مجلس النواب أهمّ وأخطر أثراً وأكثر مساساً بحياة العراقيين ومستقبلهم من قانون النفط والغاز، لأنّه يتعلق بالثروة النفطية التي هي عماد حياة العراق والمرتكز الأوحد لاقتصاده.
اليوم يعود الحديث عن هذا القانون بالغ الأهمية، وهناك توقعات بإقراره بعد انقضاء الانتخابات المحلية المقبلة، لكننا لا ننتظر معجزة تحلّ علينا لتنهي النقاط الخلافية، فمن الواجب على الأطراف كافة أن تكون المصلحة العليا للمواطن العراقي نصب أعينهم وأن يخففوا قليلاً من تصلّبهم وتشنجهم الذي جعل منهم جزراً معزولة لا يفكر أيّ منها سوى بمصلحته الخاصة التي لا تتجاوز طائفته أو قوميته أو حزبه أو ـ أحياناً ـ شخصه.
هذا القانون يتعلّق بموضوع فيه حياة العراق دولة وشعباً، وإذا كان تاريخ الكتل السياسية في التخلي عن مصالحهم الضيقة لا يجعلنا نستبشر خيراً، فإنّ ذلك التاريخ على علّاته سيهون أمام إقرار هذا القانون الذي يحفظ ثروات العراقيين وأجيالهم المقبلة.
فهل سنشهد تخفيفاً للضغوط والمواقف من قبل الساسة لنحتفل بالولادة العسيرة لهذا القانون، أم يظلّ الأمر على حاله ويظل محافظاً على لقبه باعتباره "عميد القوانين العراقية المؤجلة"؟