أثر الانحرافات الأخلاقيَّة

آراء 2023/09/24
...

يعقوب يوسف جبر

تثير مشكلة الانحرافات الأخلاقيَّة  في أوساط الرأي العام في المجتمعات الشرق أوسطيَّة الكثير من التساؤلات، وخاصة تلك الانحرافات المتعلّقة بالاسرة، فلقد انتشرت ولا تزال تنتشر سلوكيات مشينة في هذه المجتمعات بعيدا عن الرقابة، وبدأت تستقطب جمهورها من المنحرفين، منها دور الدعارة والسمسرة والقائمين عليها من السماسرة، بهدف جني المزيد من العوائد الماليَّة.
لكن لماذا تعد الانحرافات الأخلاقيَّة  سلبيَّةً ومضرّة؟
ثمة آثارٌ سلبيَّةٌ ترتبها هذه الانحرافات، منها تفكيك الأسرة وتدمير تلاحمها، وبالتالي تحطيم المجتمع بأكمله، وبعد ذلك تسود الفوضى وتضيع الحقوق العامة والشخصيَّة، ويتحول المجتمع إلى غابة.
فمن ضمن الآثار انغماس الأفراد في ملذاتهم غير المشروعة، وتحولهم إلى أشخاصٍ عاطلين عن القيام بمسؤوليتهم الاجتماعيَّة.
اما على الصعيد السياسي فهنالك أنظمةٌ سياسيَّة في بعض دول العالم الشرق أوسطيَّة ذات توجهات دكتاتوريَّة تعمل على نشر الانحرافات الأخلاقيَّة  بهدف السيطرة على المجتمع، لأن المجتمع الحر الملتزم لا يسمح بقيام هذه الأنظمة، بل إنه مجتمعٌ يتعاون على تأسيس نظام سياسي ملتزم يمثل إرادة هذا المجتمع.
كما أن هنالك من يعتبر ويرى أن الحريَّة مشاعةٌ وليست لها حدودٌ وضوابط غير آبه بمساسها بحرية غيره، فهو يعلم أو لا يعلم أن الحريَّة الحقيقيَّة لها ضوابطها وحدودها.
فمثلا أن انتشار دور البغاء والدعارة تحت مبرر الحريَّة يمثل انتكاسةً واضحةً في الوعي الأخلاقي. فهنالك منحرفون سماسرة يتاجرون بحرية غيرهم مقابل الحصول على إيرادات مالية. لا يهمهم ما تؤول إليه هذه المتاجرة من تضييع لمن يتاجرون بهم.
فمثلا ما هو ذنب المرأة التي تقع ضحية هؤلاء المتاجرين، فتتحول إلى شخصية منبوذة لا اعتبار لها مهانة بنظر المجتمع؟ وما هو ذنب بعض الصبيان، الذين يتم استدراجهم من قبل عصابات ومافيات مجرمة لتحريفهم عن فطرتهم السوية؟
إن الانحرافات الأخلاقيَّة  تتناقض مع قيم المجتمعات الشرقية وتسهم في محو هويتها الإنسانية، لذلك ينبغي تكريس جميع الجهود الثقافيَّة والتربويَّة للدفاع عن هذه القيم وحمايتها من الاستهداف الخبيث. إضافة إلى إنزال العقوبات بحق من يتاجر في مجال السمسرة اللا أخلاقية لزجره وإيقافه عند حده، لكيلا يتمادى في غيه، ويعرض كرامة غيره للامتهان. من هنا يتوجب على المؤسسات الثقافيَّة وجمعيات الارشاد والمدارس التربويَّة ووسائل الإعلام الملتزمة أن تعمل معا على تثقيف المجتمع بفلسفة الحريَّة وغايتها، وأن من ضمن غاياتها احترام حدود الحريَّة، وهي حريَّةٌ مقننةٌ، وليست منفلتةً كما يراها البعض من الشاذّين والمنحرفين.