زهير كاظم عبود
من بين طرق الإجبار على الحضور أمام المحكمة المختصة أن يصدر أمر بالقبض على الشخص المطلوب، وغالبا ما يتضمن أمر القبض اسم المتهم وعمله ومحل إقامته والمادة القانونيَّة المتهم بها، وأن تكون ورقة أمر القبض موقعة من قبل القاضي المختص، ومختومة بختم المحكمة والتاريخ التي صدرت به، وهذا الأمر موجه إلى أعضاء السلطة التنفيذية المختصين لتنفيذ الأمر.
وبصدور مثل هذا الأمر يكون تنفيذ الأمر نافذا في جميع انحاء العراق، ويبقى الأمر ساريا حتى يتم تنفيذه أو إلغاؤه من قبل السلطة نفسها، التي أصدرته أو اية سلطة أخرى اعلى منها، الاشكال من ان بعض أوامر القبض تتضمن أسماء لمتهمين ثنائية، أي تتضمن اسم المتهم والأب فقط واحيانا ثلاثية تتضمن الاسم والأب والجد أو العشيرة، إلا أن تشابه أسماء العراقيين يخلق حالة من الارباك والغبن، وتنفيذ أمر القبض على أي شخص يتشابه مع الاسم المطلوب، لن يعفيه من أن يكون تحت سلطة الجهة، التي قامت بالقبض عليه، أو أن يحاول تقديم الدليل بتشابه اسمه مع اسم المطلوب القبض عليه، وبالرغم من الالتفات إلى هذا الجانب من قبل مجلس القضاء الأعلى في العراق، ومنعا للتزوير واستغلال أوامر القبض لجأت المحاكم إلى إصدار أوامر القبض مذيّلة بأختام ورموز تدل على صحة ورقة أمر القبض.
العديد من المواطنين من تتطابق أسماؤهم مع أوامر القبض، وهم لا يعرفون عن الاتهام أو القضية المطلوبين عنها شيئا، لأنهم لم يرتكبوا الفعل الجرمي أو من غير المعنيين بالتهمة، إلا أن السلطة التنفيذيَّة (وسلطات التحقيق) لا بد لها أن تخوض في مسألة التحقق من عدم علاقة المقبوض عليه بالاتهام وتلك قضية غير سهلة، وتأخذ وقتا ليس قصيرا يكون الضرر الحاصل بحق المواطن كبيرا، وفي أحيان أخرى تتم إحالة المواطن المذكور من قبل قاضي التحقيق موقوفا إلى المحكمة المختصة، لتفصل في عدم علاقته بالقضية المعروضة من
عدمها.
ولما كان أغلب أهلنا في العراق تتشابه أسماؤهم والعناوين، التي يتم تقييدها غير دقيقة، ومنعا للغبن والضرر الحاصل وبقدر الإمكان ينبغي أن يتضمن أمر القبض على الاسم الرباعي للمتهم واسم والدته وعشيرته، أو تقييد الرقم الوطني الصادر عن دائرة الأحوال المدنية، أو الحصول على صورة للمتهم ترفق مع ورقة القبض أو اية بيانات تؤكد اسم المتهم أو تميزه، أو أي وسائل أخرى تقيد وقوع مثل هذا الإشكال الذي نجد العديد من الناس ممن يتحجج بتشابه
الأسماء.
وفي حال عدم تمكن السلطات التنفيذية من القبض على المتهم لاي سبب فان المحكمة تلجأ إلى إصدار قرار بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتهم، وفي حال تشابه الأسماء تتوسع دائرة الإشكال القانوني للشخص المعني، حين يجد أمواله تم حجزها وتمت وضع إشارات عدم التصرف على ممتلكاته، فيشكل تشابه اسمه مع اسم المطلوب محنة حقيقية لا يحلها سوى تسليم نفسه.
وينسحب تشابه الأسماء إلى منع السفر، وهو أيضا حالة من حالات تقييد الحرية التي تلجا اليها المحكمة أو السلطة التنفيذية، وقضية منع السفر حالة تؤرق هواجس العراقيين، بالنظر لما مروا به من تجارب خلال مسيرة الحكومات السابقة التي حكمت العراق، وحين كان السفر مرتبطًا بالأجهزة الأمنية، والتي يخشاها المواطن العراقي ويتوجس خيفة منها لاي سبب، وجداول منع السفر التي تدخلها السلطات المعنية والمختصة بتدقيق جوازات السفر في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمطارات أو المنافذ البرية أو البحرية، غالبا ما تتضمن أسماء ثلاثية أو ثنائية، والعديد من المواطنين يتعرض لحالة تدقيق الموظف المعني في منفذ الخروج في جهاز الكمبيوتر، ثم يخرج من مقعده لينادي على موظف اخر اعلى منه درجة ليقوم بإجراء ينهي حالة الخوف والتوجس، وهذا الأمر يترك اثره النفسي على المواطن وخصوصا في حال تكرار مثل هذا الفعل، ويمكن للأجهزة الأمنية أن تتلافى مثل هذه الإجراءات بتحديث أجهزتها بين فترة وأخرى، وأن تعتمد على تصوير المواطن مرة أخرى والاحتفاظ بصفحته المصورة في سجلاتها الالكترونية فلا تعيد التصوير في كل سفرة، وبالنظر إلى أن منع السفر يتعارض مع نص الفقرة الأولى من المادة (٤٤) من الدستور العراقي التي تنص: للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه، فلا قيمة لكل أمر بمنع السفر ما لم يكن صادرا عن جهة قضائيَّة باعتبار أن حرية الانسان وكرامته
مصونة.
عملية تشابه الأسماء بحاجة إلى تدقيق وإلى إعادة دراسة الملفات، التي يشتكي أصحابها من تشابه أسمائهم مع أسماء متهمين آخرين، وكلنا ثقةٌ من أن مجلس القضاء الأعلى وهو يتحسس بمعاناة بعض المواطنين من هذه الظاهرة، سيتمكن من أن يجد الحلول العادلة والمقبولة لحسم الملفات، وأن تعيد النظر بأوامر القبض الناقصة أو غير المكتملة للشروط القانونية المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية، وأن تنظر بعين الإنصاف لمن يتم الافراج عنهم لتشابه أسمائهم مع آخرين، لما لحقهم من أضرارٍ مادية ومعنوية بعد تنفيذ أوامر القبض أو منع السفر بحقهم.