الصراحةُ منهاجٌ حكومي

آراء 2023/10/01
...

  علي الخفاجي 

ترويج الأزمات وافتعالها على ما يبدو أصبحت النهج الجديد، الذي يمارس على مواطني هذا البلد، فمن واحدةٍ إلى أخرى فلا يمر شهرٌ واحد إلا والأزمات تتدلى علينا دون إيجاد الحلول وبالتالي ومنذ عشرين عاماً، ونحن نعيش في دوامة المشكلات، ونتيجة التخبّط في المواقف بدا الوضع الحالي أكثرَ التباساً

ما أدى إلى عجز بالمواجهة المباشرة بين الحكومة والشعب، وبالتالي لم تكشف الحكومات المتعاقبة عن شفافية مواقفها تجاه المواطن، ما أدى ذلك إلى تزايد الهوة بين طرفي المعادلة المواطن والحكومة، فقد وضعت حواجز ومصدات، خوفاً من الشعب وتظاهراته، فبدلاً من احتوائهِ وتلبية رغباته سعت إلى خيار التعتيم، الذي يعبّر عن ضعف وعدم مقدرة على تلبية الاحتياجات والمتطلبات، حيث أثبتت التجارب الدولية بأن الإحتجاجات والاعتصامات، التي تنظم من قبل الشعوب تعتبر أداة قوية للتغيير والتجديد شرط الاستمرارية بالروحية نفسها، التي بدأت بها وتثبيتاً لمواقفها، فمنذ سقوط النظام في عام 2003 والى الآن خرجت عديد من التظاهرات بمختلف توجهاتها وعناوينها ومطالبها، وعلى الرغم من اختلاف تسمياتها، سواء كانت ثورة أو احتجاجات شعبية أو انتفاضة، إلا أنَّ جميعها تشترك بالمطالب نفسها، وهو العيش الرغيد وتلبية المتطلبات الضرورية للفرد، ربّما المتابع للمشهد السياسي الحالي يلاحظ التناقض والعشوائية، والارتباك لدى أغلب الطبقة السياسية، فهو إن دلَّ على شيء فإنه يدلُّ على عدم ثقة كبيرة بين المسؤول أي كانت صفته والمواطن البسيط الذي بدا ناقماً على حاله.

فلو استعرضنا المشكلات والأزمات، التي دارت علينا فهي كثيرة، ونتفق على أنَّ كثيراً منها مفتعلة نتيجة الصراعات الداخلية السياسية منها والحزبية، كما يحدث الآن من تراشقات سياسيَّة بين جميع الأطراف قبيل انتخابات مجالس المحافظات، ومنها طبيعية غير مفتعلة نتيجة التراكمات القديمة، لكن وبالمجمل يبقى المواطن صاحب الحق في هذا البلد، فهو يبحث عن حياة ملؤها الكرامة والعيش الرغيد، وأن يكون بعيداً عن التخاصمات والتقاطعات، التي تنغص عليه عيشته، فبالتالي إذا ما أرادت الحكومة الحالية وحتى التي ستليها أن تكون مؤيدة شعبياً وجماهيرياً، عليها أن تكون منفتحة وصريحة غير منغلقة عن الناس، لأن المكاشفة والصراحة مع الشعب افضل وسيلة لإطلاع العامة على مايدور في فلك النظام وبالتالي ستكون أفضل من البرامج، التي تتبناها الحكومات كحكومة الخدمات وحكومة البناء وحكومة الإصلاح وغيرها من البرامج، التي سمعنا عنها دون أن نلمس منها شيئاً، وأن تجد الحلول للمشكلات المتكدسة، وأن تعمل بمبدأ الشفافية والوضوح، بعيداً عن الغرف المظلمة، وأن تصارح الشعب عن كل صغيرةٍ وكبيرة، لأن الشعب وكما يقال بالمصطلح الدستوري هو مصدر السلطات، وهو بطبعه يسجل جميع الإخفاقات والإنجازات لأي حكومة 

كانت.