حسن السلمان
من المفترض أن تكون دوائرنا الحكوميَّة التي تعنى بإصدار المستمسكات الشخصية للمواطنين كالبطاقة الوطنية الموحدة، والهويات التقاعدية، وبيانات الولادة، والجوازات، ومستندات العقار، وبطاقات السكن وغيرها على درجة عالية من الدقة والاتقان في تثبيت المعلومات الصحيحة، خصوصاً أن أغلب تلك الدوائر لها خبرتها الطويلة في العمل التي من المفترض أن تقلل من الأخطاء وتعمل على معالجتها بشكلِ فوري، إلا أن ما يحدث في الكثير في هذه الدوائر هو تكرار الأخطاء ذاتها في نقل المعلومة الصحيحة، بسبب الإهمال والسهو وعدم الشعور بالمسؤولية واللامبالاة حيث يقع المواطن ضحية هذا التقصير ويتحمل تبعات هذا الإهمال ويدخل في دوامة قاتلة من المراجعات المضنية، لتصحيح خطأ لم يرتكبه، متحملاً أعباءً لا قدرة له على تحملها من مصاريف وجهد وتعطيل لعمله، خصوصاً عندما يكون سكن المراجع في محافظة ودائرة أحواله المدنية في محافظة أخرى، وتزداد معاناته عندما يكون كبير السن ويعاني من الأمراض
والعجز.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، ثمة سين من الناس ذهب لتجديد جواز سفره وعند استلامه، وجد أن لقبه غير صحيح، وعند إبلاغ المسؤول عن ذلك يجاب بأن الخطأ ليس خطأنا وإنما صاحب المكتب الذي نظّم الاستمارة لك!. ترى، أليس من المفترض، بل من الواجب، أن يتم تدقيق ومطابقة معلومات الاستمارة مع المستمسكات من قبل ضابط الجوازات، أو من يقوم بذلك العمل قبل نقلها إلى صفحات ذلك المستمسك الحكومي الحساس
والمهم؟.
وثمة صاد من الناس ذهب لإنجاز معاملة رسمية، واتضح أن مواليده غير صحيحة، أو أن اسم أبيه أو جده يختلف في السجلات عما هو موجود في بطاقة أحواله الشخصية، وعليه أن يذهب في رحلة مكوكية شاقة بين الدوائر المعنية وروتينها المميت، لتصحيح خطأ ارتكبه موظف مهمل! ناهيك عن رداءة بعض الوثائق الرسمية التي تكتب بخط اليد، التي تبدو كما لو أنها وصفة طبيب من الرموز الغامضة، حيث تكثر الأخطاء وصعب
قراءتها.
وهناك بطبيعة الحال الكثير من الأخطاء الإداريَّة التي ضاعت بسببها حقوق الكثير من الناس دون أن يكون لهم يد في ذلك. قد يقول قائل أن الخطأ وارد، ونحن نقول آمنا بالله فجلَّ من لا يسهو، ولكن لمَ يتحمل المواطن تبعات هذه الأخطاء ويتعذب من أجل تصحيحها؟ أليس من المفترض أن تقوم الجهة الرسمية التي ارتكبت الخطأ بتصحيحه ومحاسبة المقصر؟ بل والاعتذار
للمواطن عن الخطأ كما تفعل مؤسسات الدول المتحضرة التي تحترم مواطنيها.