بغداد: سرور العلي
اعتمد الفنان علي الشيخ على موهبته المدعّمة بثقافة فنيّة وعلميّة عبر نتاجات لمدارس تعلّم منها بدءًا بالواقعيّة مرورًا بالوحشيّة والانطباعيّة، وصولًا إلى مدارس الفن الحديث التجريديّة والتعبيريّة.. لقد أبدع الشيخ في أعماله، فخلق أسلوبًا خاصًا به، لينتج مشاريع عديدة في عالم الفن التشكيلي ومنها، مشروع الغوص 2023. فكل من يرسمهم سوف يرتدون قناع الصيد، ليكشف ما خلف الرماد، وما وراء الماء العكر، مستلهمًا مفرداته من ذاكرته، حين كان يحمل كيسًا ممتلئًا بكل معدات الغوص على ظهره، كمحارب عتيق بيده بندقية صيد الأسماك، ويسير غوصًا في أقصى الشمال السوري، فكان البحر الملجأ الوحيد لقضاء ساعات طويلة في الغوص.
إنَّ كلَّ هذه الصور المطبوعة في ذاكرته، تسحبه إلى قاع البحر، من لون وتكوين وتشكيل بصري، فالتكنيك في الصيد يرافقه تكنيك على القماش.. القماش الأبيض الذي كان كفنًا للكثير من أصدقاء رحلوا من من دون قرار، فلم يعد يسمع إشارة منهم على التل، ولم يبقَ من يغوص معه.. لقد تبدلت الإشارة بصوت الطيران والهتاف والمدافع والقذائف، إنّها الحرب تنهش ذاكرته، صمتٌ خيَّم في مرسمه، وفنجان قهوة الصباح انسكب على القماش.. ها هي وجوه من ماتوا جميعهم في لوحات معلقة على جدار صالة العرض في دمشق، هذا هو الوجع السوري المستمر حتى هذه اللحظة في معرض "كافي موت"، 2012
دمشق.
كانت بدايته بالفن منذ الصغر، وكان أول فنان عرفه هو عبد الله الحلو، الذي درس الفن والعمارة في إيطاليا، فتعلّم على يديه في التسعينات.. لقد كان في المرحلة الإعداديّة شغوفًا بحصص الرسم، ويعود الفضل لمدرس المادة التشكيلي مازن غانم.
يغوص الشيخ في ذاكرته ويقول: "لم أنسَ في صباحات العطل تجمّعنا حول مائدة الفطور، وطعام جدّتي وكأس الشاي ذا السكر الزائد بين كفي جدّي، الجالس على كرسيه الخشبي المصنوع من خشب التوت، ويميل بكرسيه إلى الحائط المصفر، وهذا الكرسي كان الملهم لي لافتتاح معرض كراسي 2009".
ويشير إلى أنّه لا يبحث عن هويته في تجارب الآخرين، ولا يسعى للتشابه الذي يقتل الكثيرين، إذ ظهرت مؤخرًا حالة التشابه والتقليد بشكل كبير، ولكن في النهاية هناك عمل فني يثبت جدارته، نابع من صميم الفنان، وبعيد كل البعد عن السوق السوداء في عالم الفن، والتسويق عبر صالات فنية تهتم بجني الأرباح وليس الفنان، تسير بمبدأ لم أفهمه، ولا أريد فهمه.
ولفت إلى أن المتعة في البحث، هي امتلاكه لمفرداته الخاصة التي تميزه عن كثير من الفنانين، فيغوص في هذه الحياة خارجًا من بلده سوريا إلى لبنان، ليبحث عن سكن بجانب البحر، أيضًا رافقته نفس الحقيبة المليئة بمعدات الصيد والرسم، وما زال حتى اليوم يغوص في المجهول، باحثًا عن كل ما هو غارقٌ في ذاكرته
ومخيلته.
والشيخ هو من تولد اللاذقية 1982، درس الفن في مركز الفنون التشكيلية هناك، وتخرج منه عام 2003، مقيم في بيروت منذ عام 2019، وتم منحه الإقامة الذهبية في الإمارات العربية، تفرّغ للعمل الفني، وشارك في العديد من المعارض الفنية داخل سوريا 2003، ووظّف فنّه في مجال ديكور المسرح والسينوغراف، صمّم ونفذ العديد من الأعمال المسرحية في سوريا منذ عام 2004، عمل كمشرف فني في مهرجان المونودراما المسرحي، قدّم مشروع العلاج بالفن التشكيلي للسجناء الاحداث في سوريا (الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية 2014)، ومؤسس ومدير الملتقى الاحترافي للنحت على الرمال في سوريا 2015 .
مؤكداً "هناك بعض الأسماء وأصحاب الغاليرهات ترفع لهم القبعة في عالم الفن، يعملون بنضج ووعي ثقافي، وكانت لي تجربة مع غاليري النحات مصطفى علي بدمشق، ومع غاليري قزح أيضًا بمعرض العشاء الأخير في بيروت والدنمارك، وقريبًا سوف تكتمل تجربتي مع غاليري كلمات في إسطنبول بمعرض الغوص".
شارك الشيخ في العديد من المعارض الفنيّة في سوريا، وبيروت، وتركيا، والدنمارك، وكندا، وأمريكا، وكان معرضه الفردي الأول في اللاذقية بعنوان "كراسي"، عام 2009، ومعرضه الفردي الثاني حمل عنوان "كافي موت " COOFE MOOT "، غاليري مصطفى علي في دمشق 2012، ومعرض الغوص "DIVING"، غاليري شمعون 2022 بكندا، وعمل Art director في مجال السينما، ومشرف اكسسوار فيلم رد القضاء - مع المخرج نجدت انزور، ومنفذ ديكورات واكسسوارات لأفلام سينمائية في عامي 2010 - 2022، كما وعمل مهندسًا لديكور بعض الأعمال الدرامية في لبنان.