سعد العبيدي
نعم لكلمة العراق بالدورة (78) لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تفضل وألقاها السيد رئيس مجلس الوزراء، فكل العراقيين وبجميع أطيافهم وأقوامهم ومذاهبهم يريدون ويتمنون لبلادهم اتباع سياسة خارجية مستقلة ومتوازنة
وأن يكون العراق مصدر استقرار وجزءاً من الحل لمشكلات منطقته والعالم، ويريدون ويطالبون بإعادة الثقة في نظامهم السياسي ودولتهم ومجتمعهم، ويريدون أيضاً ويؤيدون بناء مشاريع مثل طريق التنمية، وغيرها لإنعاش اقتصادهم وزيادة تفاعلهم مع عالم آخر، يكونون فيه مؤثرين ومتأثرين، ويريدون كذلك ويسعون للقضاء على آفة الفساد، ورفض التدخل في شؤون دولتهم الداخلية، وأمور أخرى وردت في الخطاب تعبّر عن الحاجة والرغبة والأساس في بناء دولة العراق الديمقراطية المنشودة، وتأمين العيش الأفضل لعموم مواطنيها من أقصى الشمال، لأقصى نقطة في الجنوب.
لكن جميع تلك المطالب والمساعي والرغبات لا يتوقع إنجازها في القريب، لمجرد وضعها على الورق، ولا يتوقع من العالم أن يكون طرفًا داعماً لإنجازها في الوقت الراهن لمجرد المطالبة بها، فاستقلال السياسة الخارجية مثلاً لا يمكن أن تنفذ عملياً، إذا لم تساوِ مواقف الحكومة في التعامل مع المعارضة الإيرانية والتركية العاملة على أرض العراق بالضد من بلديهما، وجعل العراق مصدراً للاستقرار وجزءا من الحل، لا يمكن أن ينفذ، وهناك قائد لمليشيا، يمسك البندقية في يد ليفرض الحل الذي يريد، ويشارك في الحكم عضواً أو كتلة في البرلمان يشرع ما يريد، وطريق التنمية الذي تعول عليه الدولة، وينتظره المواطن سبيلاً للتطوير، يمكن أن يعيق مروره شيخاً فتياً لعشيرة مغمورة يريد ثمناً للمرور، والفساد الآفة التي وضعتها الحكومة أعلى أولوياتها وعملت خطوات بالاتجاه الصحيح، لا يمكن أن تنتهي آفة إذا لم تبدأ الحكومة في التعامل مع الأسباب والأشخاص من الأعلى، وتغيير قوانين وسبل التعامل واختيار الأشخاص المناسبين، وبعكسه ستبقى مثل هكذا مشاريع مجرد تمنيات مكتوبة فيها المسافة النفسية بين تسطيرها على الورق وبين تطبيقها على أرض الواقع، بعيدة لعشرات السنين.